205
مسند ابي بصير ج1

عشاءً يبكون ، وجاؤوني على قميصه بدمٍ كذب ، فزعموا أنّ الذئب أكله ، فاشتدّ لفقده حزني ، وكثر على فراقه بكائي حتّى أبيضّت عيناي من الحزن ، وأ نّه كان له أخ من خالته وكنت به معجبا وعليه رفيقا ، وكان لي أنيسا ، وكنت إذ ذكرت يوسف ضممته إلى صدري ، فيسكن بعض ما أجد في صدري ، وأنّ إخوته ذكروا لي أنك أيّها العزيز سألتهم عنه وأمرتهم أن يأتوك به ، وإن لم يأتوك به منعتهم الميرة لنا من القمح من مصر ، فبعثته معهم ليمتاروا لنا قمحا ، فرجعوا إليَّ فليس هو معهم ، وذكروا أ نّه سرق مكيال الملك ، ونحن أهل بيت لا نسرق ، وقد حبسته وفجعتني به ، وقد اشتدّ لفراقه حزني حتّى تقوّس لذلك ظهري ، وعظمت به مصيبتي مع مصائب متتابعات عليَّ ، فمُنّ عليَّ بتخلية سبيله وإطلاقه من محبسه ، وطيّب لنا القمح ، واسمح لنا في السعر ، وعجّل بسراح آل يعقوب .
فلما مضى ولد يعقوب من عنده نحو مصر بكتابه ، نزل جبرئيل على يعقوب فقال له : يا يعقوب ، إنّ ربّك يقول لك : مَن ابتلاك بمصائبك الّتي كتبت بها إلى عزيز مصر ؟
قال يعقوب : أنت بلوتني بها عقوبةً منك وأدبا لي .
قال اللّه : فهل كان يقدر على صرفها عنك أحد غيري ؟
قال يعقوب : اللّهمَّ لا .
أفما استحييت منّي حين شكوت مصائبك إلى غيري ولم تستغث بي وتشكو مابك إليّ ؟ !
فقال يعقوب : أستغفرك يا إلهي وأتوب إليك وأشكو بثّي وحزني إليك .
فقال اللّه ـ تبارك وتعالى ـ : قد بلغتُ بك يا يعقوب وبولدك الخاطئين الغاية في أدبي ، ولو كنت يا يعقوب شكوت مصائبك إليَّ عند نزولها بك ، واستغفرت وتبت إليَّ من ذنبك لصرفتها عنك بعد تقديري إيّاها عليك ، ولكن الشيطان أنساك ذكري فصرتَ إلى القنوط من رحمتي ، وأنا اللّه الجواد الكريم ، أحبُّ عبادي المستغفرين التائبين الراغبين إليَّ فيما عندي . يا يعقوب ، أنا رادّ إليك يوسف وأخاه ، ومعيد إليك ماذهب من مالك ولحمك ودمك ، ورادّ إليك بصرك ومقوّم لك ظهرك ، فطب نفسا وقرّ عينا ، وأنّ الّذي فعلته بك كان أدبا منّي لك فاقبل أدبي .


مسند ابي بصير ج1
204

سالم بن أبي حفصة يروي عنك أنك تُكلّم على سبعين وجها لك منها المخرج !
فقال : ما يريد سالم منّي ، أيريد أن أجيء بالملائكة ؟ ! فواللّه ، ماجاء بهم النبيون ، ولقد قال إبراهيم : « إِنِّى سَقِيمٌ »۱ واللّه ، ما كان سقيما وما كذب ، ولقد قال إبراهيم : « بَلْ فَعَلَهُو كَبِيرُهُمْ »۲ وما فعله كبيرهم وماكذب ، ولقد قال يوسف : « أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَـرِقُونَ »۳ واللّه ، ماكانوا سرقوا وماكذب . ۴

۴۷.تفسير العيّاشي :عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام ـ عاد إلى الحديث الأول ۵ ـ قال : واشتدّ حزنه ـ يعني يعقوب ـ حتّى تقوّس ظهره ، وأدبرت الدنيا عن يعقوب وولده حتّى احتاجوا حاجة شديدة وفنيت ميرتهم ، فعند ذلك قال يعقوب لولده : « اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لاَ تَاْيْـ?سُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُو لاَ يَاْيْـ?سُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَـفِرُونَ » .۶
فخرج منهم نفر ، وبعث معهم ببضاعة يسيرة ، وكتب معهم كتابا إلى عزيز مصر يتعطّفه على نفسه وولده ، وأوصى ولده أن يبدوا بدفع كتابه قبل البضاعة فكتب : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، إلى عزيز مصر ومظهر العدل وموفي الكيل ، من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل اللّه صاحب نمرود ـ الّذي جمع لإبراهيم الحطب والنار ليحرقه بها ، فجعل اللّه عليه بردا وسلاما وأنجاه منها ـ ، أخبرك أيّها العزيز إنّا أهل بيت قديم ، لم يزل البلاء إلينا سريعا من اللّه ؛ ليبلونا بذلك عند السرّاء والضرّاء ، وإن مصائب تتابعت عليَّ منذ عشرين سنة أوّلها أ نّه كان لي ابن سمّيته يوسف ، وكان سروري من بين ولدي وقرّة عيني وثمرة فؤادي ، وأنّ أُخوته من غير اُمّه سألوني أن أبعثه معهم يرتع ويلعب ، فبعثته معهم بكرة ، وأ نّهم جاؤوني

1.سورة الصافات ( ۳۷ ) ، الآية ۸۹ .

2.سورة الأنبياء ( ۲۱ ) ، الآية ۶۳ .

3.سورة يوسف ( ۱۲ ) ، الآية ۷۰ .

4.تفسير العيّاشي ، ج۲ ، ص۱۸۴ ( ح۴۹ ) ؛ بحار الأنوار ، ج۱۲ ، ص۳۰۸ ( كتاب النبوّة ، باب قصص يعقوب ويوسف عليهماالسلام ، ح۱۱۸ ) .

5.أي : حديث رقم ۴۴ من هذا الباب ، ص ۲۰۱ .

6.سورة يوسف ( ۱۲ ) ، الآية ۸۷ .

  • نام منبع :
    مسند ابي بصير ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 42954
صفحه از 610
پرینت  ارسال به