209
مسند ابي بصير ج1

ياربّ سلّطني على بدنه ، فسلّطه على بدنه ما خلا عقله وعينه ، فنفخ فيه إبليس فصار قرحةً واحدة من قرنه إلى قدمه ، فبقي في ذلك دهرا طويلاً يحمد اللّه ويشكره حتّى وقع في بدنه الدود ، وكانت تخرج من بدنه فيردّها ويقول لها : ارجعي إلى موضعك الّذي خلقك اللّه منه ، ونتن حتّى أخرجه أهل القرية من القرية وألقوه في المزبلة خارج القرية ، وكانت امرأته رحيمة بنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل اللّه ـ صلوات اللّه عليهم أجمعين وعليها ـ ، تتصدّق من الناس وتأتيه بما تجده .
قال : فلمّا طال عليه البلاء ورأى إبليس صبره ، أتى أصحابا له كانوا رهبانا في الجبال ، وقال لهم : مرّوا بنا إلى هذا العبد المبتلى ونسأله عن بليّته ، فركبوا بغالاً شهبا وجاؤوا ، فلمّا دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه ، فقرنوا بعضا إلى بعض ثمّ مشوا إليه ، وكان فيهم شابّ حدث السنّ فقعدوا إليه فقالوا : ياأيّوب ، لو أخبرتنا بذنبك لعلّ اللّه كان يهلكنا إذا سألناه ، ۱ ومانرى ابتلائك بهذا البلاء الّذي لم يبتلِ به أحد إلاّ من أمرٍ كنت تستره ! فقال أيّوب : وعزّة ربّي إنّه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلاّ ويتيم أو ضعيف يأكل معي ، وما عرض لي أمران كلاهما طاعة اللّه إلاّ أخذت بأشدّهما على بدني ، فقال الشابّ : سوأة لكم ! عمدتم إلى نبي اللّه فعيّرتموه حتّى أظهر من عبادة ربّه ماكان يسترها ! فقال أيّوب : ياربّ ، لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجّتي ، فبعث اللّه إليه غمامة فقال : يا أيّوب ، أدلني بحجّتك فقد أقعدتك مقعد الحكم ، وها أنا ذا قريب ولم أزل، فقال: ياربّ، إنّك لتعلم أنّه لم يعرض لي أمران قطّ كلاهما لك طاعة إلاّ أخذت بأشدّهما على نفسي ، ألم أحمدك ؟ ألم أشكرك ؟ ألم أسبّحك ؟ قال : فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان : يا أيّوب ، من صيّرك تعبد اللّه والناس عنه غافلون ؟ وتحمده وتسبّحه وتكبّره والناس عنه غافلون ؟ أتمنّ على اللّه بماللّه فيه المنّة عليك ؟ !
قال : فأخذ أيّوب التراب فوضعه في فيه ، ثمّ قال : لك العتبى ۲ يا ربّ ، أنت الّذي فعلت ذلك بي ، قال : فأنزل اللّه عليه ملكا ، فركض برجله فخرج الماء فغسّله بذلك

1.هكذا في المصدر ، والأولى « فعلناه » .

2.العُتبى ـ بالضمّ ـ الرجوع عن الذنب والاساءة .


مسند ابي بصير ج1
208

۵۰.علل الشرائع :حدَّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رضى الله عنه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبداللّه ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : إنما كانت بليّة أيوب الّتي ابتُلي بها في الدنيا لنعمة أنعم اللّه بها عليه فأدّى شكرها ، وكان إبليس في ذلك الزمان لا يُحجب دون العرش ، فلمّا صعد عمل أيوب بأداء شكر النعمة ، حسده إبليس فقال : ياربّ ، إنّ أيّوب لم يؤد شكر هذه النعمة إلاّ بما أعطيته من الدنيا ، فلو حلت بينه وبين دنياه ما أدّى إليك شكر نعمة ، فسلّطني على دنياه حتّى تعلم أ نّه لا يؤدّي شكر نعمة ، فقال : قد سلّطتك على دنياه ، فلم يدع له دنيا ولا ولدا إلاّ أهلك كل ذلك وهو يحمد اللّه عز و جل ، ثم رجع إليه فقال : يارب ، إنّ أيوب يعلم إنك ستردّ إليه دنياه الّتي أخذتها منه ، فسلّطني على بدنه حتّى تعلم أ نّه لا يؤدّي شكر نعمة ، قال عز و جل : قد سلّطتك على بدنه ماعدا عينيه وقلبه ولسانه وسمعه . فقال أبو بصير : قال أبو عبداللّه عليه السلام : فانقضَّ مبادرا خشية أن تدركه رحمة اللّه عز و جل فيحول بينه وبينه ، فنفخ في منخريه من نار السموم فصار جسده نقطا نقطا . ۱

۵۱.تفسير القمّي :حدَّثني أبي ، عن ابن فضّال ، عن عبداللّه بن بحر ( محبوب ) ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : سألته عن بليّة أيوب عليه السلام الّتي أُبتلي بها في الدنيا لأيّ علّة كانت ؟ قال : لنعمة أنعم اللّه عليه بها في الدنيا وأدّى شكرها ، وكان في ذلك الزمان لا يُحجب إبليس عن دون العرش ، فلمّا صعد ورأى شكر نعمة أيّوب ، حسده إبليس وقال : ياربّ ، إنّ أيّوبَ لم يؤدّ إليك شكر هذه النعمة إلاّ بما أعطيته من الدنيا ولو حرمته دنياه ما أدّى إليك شكر نعمة أبدا ، فسلّطني على دنياه حتّى تعلم أ نّه لا يؤدّي إليك شكر نعمة أبدا، فقيل له: «قد سلّطتك على ماله وولده» قال: فانحدر إبليس فلم يبق له مالاً ولا ولدا إلاّ أعطبه ، فازداد أيّوب شكرا للّه وحمدا ، قال : فسلّطني على زرعه ۲ ، قال : قد فعلت ، فجاء مع شياطينه فنفخ فيه فاحترق ، فازداد أيّوب للّه شكرا وحمدا ، فقال : ياربّ سلّطني على غنمه ، فسلّطه على غنمه فأهلكها ، فازداد أيّوب للّه شكرا وحمدا ، وقال :

1.علل الشرائع ، ج۱ ، ص۷۵ ؛ بحار الأنوار ، ج۱۲ ، ص۳۴۴ ( كتاب النبوّة ، باب قصص أيوب عليه السلام ، ح۴ ) .

2.في البحار : « زرعه ياربّ » .

  • نام منبع :
    مسند ابي بصير ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 42895
صفحه از 610
پرینت  ارسال به