مقمرة إلى شيخ لهم عنده علم فقالوا : قد كنّا نستريح إلى الأحاديث فحتّى متى وإلى متى نحن في هذا البلاء ؟ قال : واللّه إنّكم لا تزالون فيه حتّى يجيء اللّه تعالى ذكره بغلام من ولد لاوي بن يعقوب اسمه موسى بن عمران ، غلام طوالٌ جعدٌ ، فبينما هم كذلك إذ أقبل موسى عليه السلام يسير على بغلة حتّى وقف عليهم ، فرفع الشيخ رأسه فعرفه بالصفة ، فقال له : ما اسمك يرحمك اللّه ؟ قال : موسى ، قال : ابن من ؟ قال : ابن عمران ، قال : فوثب إليه الشيخ فأخذ بيده فقبّلها،وثاروا إلى رجله فقبّلوها،فعرفهم وعرفوه واتّخذ شيعة ، فمكث بعد ذلك ماشاء اللّه ، ثمّ خرج فدخل مدينة لفرعون فيها رجل من شيعته يقاتل رجلا من آل فرعون من القبط ، فاستغاثه الّذي من شيعته على الّذي من عدوّه القبطيّ ، فوكزه موسى فقضى عليه ، وكان موسى قد اُعطي بسطة في الجسم وشدّة في البطش ، فذكره الناس وشاع أمره وقالوا : إن موسى قتل رجلاً من آل فرعون . فأصبح في المدينة خائفا يترقّب ، فلمّا أصبحوا من الغد إذا الرجل الّذي استنصره بالأءمس يستصرخه على آخر ، فقال له موسى: إنّك لغوي مبين ، بالأمس رجل واليوم رجل ! « فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِى هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَـمُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِى كَمَا قَتَلْتَ نَفْسَام بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِى الْأَرْضِ وَ مَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ * وَ جَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَـمُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّى لَكَ مِنَ النَّـصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَآلـءِفًا يَتَرَقَّبُ »۱ فخرج من مصر بغير ظهر ولا دابّة ولا خادم ، تخفضه أرض وترفعه اُخرى،حتّى إنتهى إلى أرض مدين،فانتهى إلى أصل شجرة فنزل ، فإذا تحتها بئر وإذا عندها اُمّة من الناس يسقون ، وإذا جاريتان ضعيفتان وإذا معهما غنيمةُ لهما ، قال : ما خطبكما؟
قالتا : أبونا شيخ كبير ، ونحن جاريتان ضعيفتان لا نقدر أن نزاحم الرجال ، فإذا سقى الناس سقينا ، فرحمهما موسى عليه السلام ، فأخذ دلوهما وقال لهما : قدّما غنمكما ، فسقى لهما ، ثمّ رجعتا بكرةً قبل الناس ، ثمّ تولّى موسى إلى الشجرة فجلس تحتها « فَقَالَ رَبِّ إِنِّى لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَىَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ »۲ فروي أ نه قال ذلك وهو محتاج إلى شقّ