215
مسند ابي بصير ج1

مقمرة إلى شيخ لهم عنده علم فقالوا : قد كنّا نستريح إلى الأحاديث فحتّى متى وإلى متى نحن في هذا البلاء ؟ قال : واللّه إنّكم لا تزالون فيه حتّى يجيء اللّه تعالى ذكره بغلام من ولد لاوي بن يعقوب اسمه موسى بن عمران ، غلام طوالٌ جعدٌ ، فبينما هم كذلك إذ أقبل موسى عليه السلام يسير على بغلة حتّى وقف عليهم ، فرفع الشيخ رأسه فعرفه بالصفة ، فقال له : ما اسمك يرحمك اللّه ؟ قال : موسى ، قال : ابن من ؟ قال : ابن عمران ، قال : فوثب إليه الشيخ فأخذ بيده فقبّلها،وثاروا إلى رجله فقبّلوها،فعرفهم وعرفوه واتّخذ شيعة ، فمكث بعد ذلك ماشاء اللّه ، ثمّ خرج فدخل مدينة لفرعون فيها رجل من شيعته يقاتل رجلا من آل فرعون من القبط ، فاستغاثه الّذي من شيعته على الّذي من عدوّه القبطيّ ، فوكزه موسى فقضى عليه ، وكان موسى قد اُعطي بسطة في الجسم وشدّة في البطش ، فذكره الناس وشاع أمره وقالوا : إن موسى قتل رجلاً من آل فرعون . فأصبح في المدينة خائفا يترقّب ، فلمّا أصبحوا من الغد إذا الرجل الّذي استنصره بالأءمس يستصرخه على آخر ، فقال له موسى: إنّك لغوي مبين ، بالأمس رجل واليوم رجل ! « فَلَمَّآ أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِى هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَـمُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِى كَمَا قَتَلْتَ نَفْسَام بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِى الْأَرْضِ وَ مَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ * وَ جَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَـمُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّى لَكَ مِنَ النَّـصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَآلـءِفًا يَتَرَقَّبُ »۱ فخرج من مصر بغير ظهر ولا دابّة ولا خادم ، تخفضه أرض وترفعه اُخرى،حتّى إنتهى إلى أرض مدين،فانتهى إلى أصل شجرة فنزل ، فإذا تحتها بئر وإذا عندها اُمّة من الناس يسقون ، وإذا جاريتان ضعيفتان وإذا معهما غنيمةُ لهما ، قال : ما خطبكما؟
قالتا : أبونا شيخ كبير ، ونحن جاريتان ضعيفتان لا نقدر أن نزاحم الرجال ، فإذا سقى الناس سقينا ، فرحمهما موسى عليه السلام ، فأخذ دلوهما وقال لهما : قدّما غنمكما ، فسقى لهما ، ثمّ رجعتا بكرةً قبل الناس ، ثمّ تولّى موسى إلى الشجرة فجلس تحتها « فَقَالَ رَبِّ إِنِّى لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَىَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ »۲ فروي أ نه قال ذلك وهو محتاج إلى شقّ

1.سورة القصص ( ۲۸ ) ، الآيات ۱۹ ـ ۲۱ .

2.سورة القصص ( ۲۸ ) ، الآية ۲۴ .


مسند ابي بصير ج1
214

تصايحوا عليها فجذبته فأخرجته من الماء ، فأخذته فوضعته في حجرها ، فإذا هو غلام أجمل الناس وأسرّهم ، فوقعت عليها منه محبّة فوضعته في حجرها ، وقالت : هذا ابني ، فقالوا : إي واللّه ، يا سيّدتنا واللّه مالكِ ولد ولا للملك ، فاتّخذي هذا ولدا .
فقامت إلى فرعون وقالت : إنّي أصبت غلاما طيّبا حلوا نتّخذه ولدا ، فيكون قرّة عين لي ولك فلا تقتله ، قال : ومن أين هذا الغلام ؟ قالت : لاواللّه ، ما أدري إلاّ إنّ الماء جاء به ، فلم تزل به حتّى رضي ، فلمّا سمع الناس أنّ الملك قد تبنّى ابنا لم يبق أحد من رؤوس من كان مع فرعون إلاّ بعث إليه امرأته لتكون له ظئرا أو تحضنه ، فأبى أن يأخذ من امرأة منهنّ ثديا ، قالت امرأة فرعون : اطلبوا لابني ظئرا ولا تحقّروا أحدا ، فجعل لا يقبل من امرأة منهنّ ، فقالت اُمّ موسى لاُخته : قصّيه ، انظري اُترين له أثرا ، فانطلقت حتّى أتت باب الملك ، فقالت : قد بلغني أ نكم تطلبون ظئرا وههنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم وتكفّله لكم ، فقالت : ادخلوها ، فلمّا دخلت قالت لها امرأة فرعون : ممّن أنت ؟ قالت : من بني إسرائيل ، قالت : اذهبي يا بنيّة فليس لنا فيك حاجة ، فقلن لها النساء : انظري عافاك اللّه هل يقبل أو لا يقبل ، فقالت امرأة فرعون : أرأيتم لو قبل هل يرضى فرعون أن يكون الغلام من بني إسرائيل والمرأة من بني إسرائيل ؟ ـ يعني : الظئر ـ فلا يرضى ، قلن : فانظري يقبل أو لا يقبل ، قالت امرأة فرعون : فاذهبي فادعيها ، فجاءت إلى اُمّها وقالت : إنّ امرأة الملك تدعوك ، فدخلت عليها ، فدُفع إليها موسى فوضعته في حجرها ثمّ ألقمته ثديها ، فإزدحم اللبن في حلقه ، فلمّا رأت امرأة فرعون أنّ ابنها قد قبل قامت إلى فرعون فقالت : إنّي قد أصبت لابني ظئرا وقد قبل منها ، فقال : وممّن هي ؟ قالت : من بني إسرائيل ، قال فرعون : هذا ممّا لا يكون أبدا ، الغلام من بني إسرائيل والظئر من بني إسرائيل ! فلم تزل تكلّمه فيه وتقول : ما تخاف من هذا الغلام ، إنّما هو ابنك ينشأ في حجرك حتّى قلّبته عن رأيه ورضي ، فنشأ موسى في آل فرعون وكتمت اُمّه خبره واُخته والقابلة حتّى هلكت اُمّه والقابلة الّتي قبلته ، فنشأ لايعلم به بنو إسرائيل ، قال : وكانت بنو إسرائيل تطلبه وتسأل عنه ، فيعمى عليهم خبره .
قال : فبلغ فرعون أنهم يطلبونه ويسألون عنه ، فأرسل إليهم ، فزاد في العذاب عليهم وفرّق بينهم ، ونهاهم عن الإخبار به والسؤال عنه ، قال : فخرجت بنو إسرائيل ذات ليلة

  • نام منبع :
    مسند ابي بصير ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 42878
صفحه از 610
پرینت  ارسال به