235
مسند ابي بصير ج1

ياعيسى ، ماأكثر البشر ، وأقلّ عدد من صبر ! الأشجار كثيرة وطيّبها قليل ! فلا يغرّنّك حسن شجرة حتّى تذوق ثمرتها .
ياعيسى ، لا يغرّنّك المتمرّد عليّ بالعصيان ، يأكل رزقي ويعبد غيري ، ثمّ يدعوني عند الكرب فاجيبه ، ثمّ يرجع إلى ما كان عليه ، أفعليَّ يتمرّد ، أم لسخطي يتعرّض ؟ فبي حلفت لآخذنّه أخذة ليس له منها منجى ، ولا دوني ملجأ ۱ ، أين يهرب ؟ من سمائي وأرضي!
ياعيسى ، قل لظلمة بني إسرائيل لا تدعوني والسُحت تحت أحضانكم ، والأصنام في بيوتكم ، فإنّي آليت أن اُجيب من دعاني ، وأن أجعل إجابتي أيّاهم لعنا عليهم حتّى يتفرّقوا .
ياعيسى ، كم أُطيل النظر واُحسن الطلب والقوم في غفلة لايرجعون ، تخرج الكلمة من أفواههم لا تعيها قلوبهم ، يتعرّضون لمقتي ، ويتحبّبون بقربي ۲ إلى المؤمنين .
ياعيسى ، ليكن لسانك في السرّ والعلانية واحدا ، وكذلك فليكن قلبك وبصرك ، واطوِ قلبك ولسانك عن المحارم ، وكفَّ بصرك ۳ عمّا لا خير فيه ، فكم من ناظر نظرة قد زرعت في قلبه شهوة ، ووردت به موارد حياض الهلكة !
ياعيسى ، كن رحيما مترحّما ، وكن للعباد كما تشاء أن يكون العباد لك ، وأكثر ذكر الموت ومفارقة الأهلين ، ولا تله فإنّ اللهو يفسد صاحبه ، ولا تغفل فإنّ الغافل منّي بعيد ، واذكرني بالصالحات حتّى أذكرك .
ياعيسى ، تب إليَّ بعد الذنب ، وذكّر بي الأوّابين ، وآمن بي ، وتقرّب بي إلى المؤمنين ، ومرهم يدعوني معك ، وإيّاك ودعوة المظلوم ! فإنّي آليت على نفسي أن أفتح لها بابا من السماء بالقبول ، وأن اجيبه ولو بعد حين .
ياعيسى ، اعلم أنّ صاحب السوء يعدي ، وقرين السوء يردي ، فاعلم من تقارن ، واختر لنفسك إخوانا من المؤمنين .
ياعيسى ، تب إليَّ فإنّي لا يتعاظمني ذنب أن أغفره وأنا أرحم الراحمين .

1.في البحار : « ملتجأ » .

2.في البحار : « ويتحبّبون بي » .

3.في البحار : « وغضّ طرفك » .


مسند ابي بصير ج1
234

ياعيسى ابن البكر البتول ، ابكِ على نفسك بكاء من قد ودّع الأهل وقلى ۱ الدنيا ، وتركها لأهلها ، وصارت رغبته فيما عند اللّه .
ياعيسى ، كن مع ذلك ؛ تليّن الكلام ، وتفشي السلام ، يقظان إذا نامت عيون الأبرار ، حذارا للمعاد والزلازل الشداد ، وأهوال يوم القيامة حيث لا ينفع أهل ولا ولد ولا مال .
ياعيسى ، اكحل عينك ۲ بميل الحزن إذا ضحك البطّالون .
ياعيسى ، كن خاشعا صابرا ، فطوبى لك إن نالك ماوعِدَ الصابرون .
ياعيسى ، رح من الدنيا يوما فيوما ، وذق ماقد ذهب طعمه ، فحقا أقول ! ما أنت إلاّ بساعتكَ ويومكَ ، فرح من الدنيا بالبلغة ، وليكفك الخشن الجشب ، فقد رأيت إلى ماتصير ، ومكتوب ما أخذت ، وكيف أتلفت .
ياعيسى ، إنّك مسؤول فارحم الضعيف كرحمتي إيّاك ، ولا تقهر اليتيم .
ياعيسى ، ابك على نفسك فيالخلوات ۳ ، وانقل قدميك إلى مواقيت ۴ الصلوات ، وأسمعني لذاذة نطقك بذكري ، فإنّ صنيعي إليك حسن .
ياعيسى ، كم من اُمّةٍ قد أهلكتها بسالف ذنوب ۵ قد عصمتك منها .
ياعيسى ، ارفق بالضعيف ، وارفع طرفك الكليل إلى السماء ، وادعني فإنّي منك قريب ، ولا تدعني إلاّ متضرّعا إليّ ، وهمّك همّ واحد ، فإنّك متى تدعني كذلك اُجبك .
ياعيسى ، إنّي لم أرضَ بالدنيا ثوابا لمن كان قبلك ، ولا عقابا لمن انتقمت منه .
ياعيسى ، إنّك تُفني وأنا أبقى ، ومنّي رزقك ، وعندي ميقات أجلك ، وإليّ إيابك ، وعليّ حسابك ، فسلني ولا تسأل غيري ، فيحسن منك الدعاء ومنّي الإجابة .

1.قلى : أبغض .

2.في البحار : « عينيك » .

3.في البحار : « الصلاة » .

4.في البحار : «مواضع» .

5.في البحار : « ذنب » .

  • نام منبع :
    مسند ابي بصير ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 42177
صفحه از 610
پرینت  ارسال به