237
مسند ابي بصير ج1

نفسك شوقا إليه ! فليس كدار الآخرة دار تجاور فيها الطيّبون ، ويدخل عليهم فيها الملائكة المقرّبون ، وهم ممّا يأتي يوم القيامة من أهوالها آمنون ، دار لا يتغيّر فيها النعيم ولا يزول عن أهلها .
يا ابن مريم ، نافس فيها مع المتنافسين فإنّها أمنيّة المتمنّين ، حسنة المنظر ، طوبى لك يابن مريم ، إن كنت لها من العاملين مع آبائك آدم وإبراهيم ، في جنّاتٍ ونعيم ، لا تبغي بها بدلاً ولا تحويلاً ، كذلك أفعلُ بالمتّقين .
ياعيسى ، اهرب إليّ مع من يهرب من نارٍ ذات لهب ، ونارٍ ذات أغلال وأنكال ، لا يدخلها روحٌ ولا يخرج منها غمٌ أبدا ، قطعٌ كقطع الليل المظلم من ينجُ منها يفز ، ولن ينجو منها من كان من الهالكين ، هي دار الجبّارين والعتاة الظالمين وكلّ فظٍّ غليظ وكلّ مختال فخور .
ياعيسى ، بئست الدار لمن ركن إليها ، وبئس القرار دار الظالمين إنّي اُحذِّرك نفسك فكن بي خبيرا .
ياعيسى ، كن حيث ما كنت مراقبا لي ، واشهد على أ نّي خلقتك وأنت عبدي ، وإنّي صوّرتك وإلى الأرض أهبطتك .
ياعيسى، لا يصلح لسانان في فم واحد ، ولا قلبان في صدر واحد ، وكذلك الأذهان.
ياعيسى ، لا تستيقظنّ عاصيا ولا تستنبهنّ لاهيا ، وأفطم نفسك عن الشهوات الموبقات ، وكلُّ شهوة تباعدك منّي فاهجرها ، واعلم أ نّك منّي بمكان الرسول الأمين ، فكن منّي على حذر ، واعلم أنّ دنياك مؤدّيتك إليّ ، وإنّي آخذك بعلمي ، فكن ذليل النفس عند ذكري ، خاشع القلب حين تذكرني ، يقظانا عند نوم الغافلين .
ياعيسى ، هذه نصيحتي إيّاك وموعظتي لك ، فخذها منّي وإنّي ربّ العالمين .
ياعيسى ، إذا صبر عبدي في جنبي كان ثواب عمله عليَّ ، وكنت عنده حين يدعوني ، وكفا بي منتقما ممّن عصاني ، أين يهرب منّي الظالمون ؟
ياعيسى ، اطب الكلام ، وكن حيثما كنت عالما متعلّما .


مسند ابي بصير ج1
236

ياعيسى ، اعمل لنفسك في مهلة من أجلك قبل أن لا يعمل لها غيرك ، واعبدني ليوم كألف سنة ممّا تعدّون فيه اُجزي بالحسنة أضعافها ، وإنّ السيّئة توبق صاحبها فامهد لنفسك في مهلة ، ونافس في العمل الصالح ، فكم من مجلس قد نهض أهله وهم مجارون من النار .
يا عيسى ، ازهد في الفاني المنقطع ، وطأ رسوم منازل من كان قبلك ، فادعهم وناجهم هل تحسّ منهم من أحد ، وخذ موعظتك منهم ، واعلم إنّك ستلحقهم في اللاّحقين .
ياعيسى ، قل لمن تمرّد بالعصيان وعمل بالإدهان ۱ ليتوقع عقوبتي ، وينتظر إهلاكي إيّاه سيصطلم مع الهالكين ، طوبى لك يا ابن مريم ، ثمّ طوبى لك ! إن أخذت بأدب إلهك الّذي يتحنّن عليك ترحّما ، وبدأك بالنعم منه تكرّما وكان لك في الشدائد ، لا تعصه ياعيسى ، فإنّه لا يحلّ لك عصيانه ، قد عهدتُ إليك كما عهدتُ إلى من كان قبلك وأنا على ذلك من الشاهدين .
ياعيسى ، ما أكرمت خليقة بمثل ديني ، ولا أنعمت عليها بمثل رحمتي .
ياعيسى ، اغسل بالماء منك ماظهر ، وداوِ بالحسنات منك مابطن ، فإنّكَ إليّ راجع .
ياعيسى ، أعطيتك ما أنعمت به عليك فيضا من غير تكدير ، وطلبت منك قرضا لنفسك فبخلت به عليها لتكون من الهالكين .
ياعيسى ، تزيّن بالدين ، وحبّ المساكين ، وامشِ على الأرض هونا ، وصلِّ على البقاع ، فكلّها طاهر .
ياعيسى ، شمّر فكلّ ما هو آتٍ قريب ، واقرأ كتابي وأنت طاهر ، واسمعني منك صوتا حزينا .
ياعيسى ، لا خير في لذاذة لا تدوم وعيش من صاحبه يزول .
يابن مريم ، لو رأت عينك ما أعددت لأوليائي الصالحين ذاب قلبك وزهقت

1.السُحت : الحرام .

  • نام منبع :
    مسند ابي بصير ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 42107
صفحه از 610
پرینت  ارسال به