نفسك شوقا إليه ! فليس كدار الآخرة دار تجاور فيها الطيّبون ، ويدخل عليهم فيها الملائكة المقرّبون ، وهم ممّا يأتي يوم القيامة من أهوالها آمنون ، دار لا يتغيّر فيها النعيم ولا يزول عن أهلها .
يا ابن مريم ، نافس فيها مع المتنافسين فإنّها أمنيّة المتمنّين ، حسنة المنظر ، طوبى لك يابن مريم ، إن كنت لها من العاملين مع آبائك آدم وإبراهيم ، في جنّاتٍ ونعيم ، لا تبغي بها بدلاً ولا تحويلاً ، كذلك أفعلُ بالمتّقين .
ياعيسى ، اهرب إليّ مع من يهرب من نارٍ ذات لهب ، ونارٍ ذات أغلال وأنكال ، لا يدخلها روحٌ ولا يخرج منها غمٌ أبدا ، قطعٌ كقطع الليل المظلم من ينجُ منها يفز ، ولن ينجو منها من كان من الهالكين ، هي دار الجبّارين والعتاة الظالمين وكلّ فظٍّ غليظ وكلّ مختال فخور .
ياعيسى ، بئست الدار لمن ركن إليها ، وبئس القرار دار الظالمين إنّي اُحذِّرك نفسك فكن بي خبيرا .
ياعيسى ، كن حيث ما كنت مراقبا لي ، واشهد على أ نّي خلقتك وأنت عبدي ، وإنّي صوّرتك وإلى الأرض أهبطتك .
ياعيسى، لا يصلح لسانان في فم واحد ، ولا قلبان في صدر واحد ، وكذلك الأذهان.
ياعيسى ، لا تستيقظنّ عاصيا ولا تستنبهنّ لاهيا ، وأفطم نفسك عن الشهوات الموبقات ، وكلُّ شهوة تباعدك منّي فاهجرها ، واعلم أ نّك منّي بمكان الرسول الأمين ، فكن منّي على حذر ، واعلم أنّ دنياك مؤدّيتك إليّ ، وإنّي آخذك بعلمي ، فكن ذليل النفس عند ذكري ، خاشع القلب حين تذكرني ، يقظانا عند نوم الغافلين .
ياعيسى ، هذه نصيحتي إيّاك وموعظتي لك ، فخذها منّي وإنّي ربّ العالمين .
ياعيسى ، إذا صبر عبدي في جنبي كان ثواب عمله عليَّ ، وكنت عنده حين يدعوني ، وكفا بي منتقما ممّن عصاني ، أين يهرب منّي الظالمون ؟
ياعيسى ، اطب الكلام ، وكن حيثما كنت عالما متعلّما .