391
مسند ابي بصير ج1

حييت ، فأعطاه أبي من ذلك ما أرضاه .
ثمّ قال هشام : انصرف إلى أهلك إذا شئت ، فخرج أبي متوجّها من الشام نحو الحجاز ، وأبرد هشام بريدا وكتب معه إلى جميع عمّاله ما بين دمشق إلى يثرب يأمرهم أن لا يأذنوا لأبي في شيءٍ من مدينتهم ، ولا يبايعوه في أسواقهم ، ولا يأذنوا له في مخالطة أهل الشام حتّى ينفذ إلى الحجاز ، فلمّا انتهى إلى مدينة مدين ومعه حشمه ، وأتاهم بعضهم فأخبرهم أنّ زادهم قد نفد ، وأ نّهم قد منعوا من السوق ، وأنّ باب المدينة أُغلق .
فقال أبي : فعلوها ! ائتوني بوضوءٍ ، فأُتي بماءٍ فتوضّأ ، ثمّ توكّأ على غلام له ، ثمّ صعد الجبل حتّى إذا صار في ثنيّةٍ استقبل القبلة ، فصلّى ركعتين ، فقام وأشرف على المدينة ، ثمّ نادى بأعلى صوته ، وقال : « وَ إِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَـقَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُو وَ لاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَ الْمِيزَانَ إِنِّى أَرَلـكُم بِخَيْرٍ وَ إِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ * وَ يَـقَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَ لاَ تَعْثَوْاْ فِى الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ »۱ . ثمّ وضع يده على صدره ، ثمّ نادى بأعلى صوته :« أنا واللّه بقيّة اللّه ، أ نّا واللّه بقيّة اللّه » . قال : وكان في أهل مدين شيخ كبير قد بلغ السن وأدبته التجارب ، وقد قرأ الكتب ، وعرفه أهل مدين بالصلاح ، فلمّا سمع النّداء قال لأهله : أخرجوني ، فحُمل ووضع وسط المدينة ، فاجتمع الناس إليه ، فقال لهم : ما هذا الّذي سمعته من فوق الجبل ؟ قالوا : هذا رجل يطلب السوق فمنعه السلطان من ذلك وحال بينه وبين منافعه ، فقال لهم الشيخ : تطيعونني ؟ قالوا : اللّهمَّ نعم ، قال : قوم صالح ، إنّما ولي عقر الناقة منهم رجل واحد ، وعذّبوا جميعا على الرضا بفعله ، وهذا رجل قد قام مقام شعيب ، ونادى مثل نداء شعيب ـ صلوات اللّه عليه ـ ، وهذا رجل ما بعده ، فارفضوا السلطان وأطيعوني ، وأخرجوا إليه بالسوق فاقضوا حاجته ، وإلاّ لم آمن واللّه عليكم

1.سورة هود ( ۱۱ ) ، الآيات ۸۴ ـ ۸۶ .


مسند ابي بصير ج1
390

سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة . قال : كبّر خمسا خمسا كلّما أدركه الناس قالوا : ياأمير المؤمنين ، لم ندرك الصلاة على سهل ، فيضعه فيكبّر عليه خمسا حتّى انتهى إلى قبره خمس مرّات . ۱

۶۲.قصص الأنبياء :عن ابن بابويه : حدَّثنا أحمد بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه إبراهيم بن هشام ، عن عليّ بن معبد ، عن عليّ بن عبدالعزيز ، عن يحيى بن بشير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبداللّه ـ صلوات اللّه عليه ـ ، قال : بعث هشام بن عبدالملك إلى أبي عليه السلام ، فأشخصه إلى الشام ، فلمّا دخل عليه قال له : يا أبا جعفر ، إنّما بُعثت إليك لأسألك عن مسألة لم يصلح أن يسألك عنها غيري ، ولا ينبغي أن يعرف هذه المسألة إلاّ رجل واحد ، فقال له أبي : يسألني أمير المؤمنين عمّا أحبّ ، فان علمت أجبتهُ ، وإن لم أعلم قلت : لا أدري ، وكان الصدق أولى بي .
فقال هشام : أخبرني عن الليلة الّتي قُتل فيها عليّ بن أبي طالب ، بما استدلّ الغائب عن المصر الّذي قتل فيه على ذلك ؟ وما كانت العلامة فيه للنّاس ؟ وأخبرني هل كانت لغيره في قتله عبرة ؟ فقال له أبي : إنّه لمّا كانت الليلة الّتي قتل فيها عليّ ـ صلوات اللّه عليه ـ لم يرفع عن وجه الأرض حجرٌ إلاّ وجد تحته دم عبيط حتّى طلع الفجر ، وكذلك كانت الليلة الّتي فُقد فيها هارون أخو موسى عليهماالسلام ، وكذلك كانت الليلة الّتي قُتل فيها يوشع بن نون ، وكذلك كانت الليلة الّتي رُفع فيها عيسى بن مريم عليهماالسلام ، وكذلك كانت الليلة الّتي قتل فيها الحسين صلوات اللّه عليه .
فتربّد وجه هشام ، وامتقع لونه ، وهمّ أن يبطش بأبي فقال له أبي : ياأمير المؤمنين ، الواجب على الناس الطاعة لإمامهم والصدق له بالنصيحة ، وأنّ الّذي دعاني إلى ما أجبت به أمير المؤمنين فيما سألني عنه معرفتي بما يجب له من الطاعة ، فليحسن ظنّ أمير المؤمنين ، فقال له هشام : أعطني عهد اللّه وميثاقه ألا ترفع هذا الحديث إلى أحدٍ ما

1.الكافي ، ج۳ ، ص۱۸۶ ( كتاب الجنائز ، باب من زاد على خمس تكبيرات ، ح۳ ) ؛ بحار الأنوار ، ج۴۲ ، ص۱۵۹ ( تاريخ أمير المؤمنين عليه السلامأحوال سائر أصحابه عليه السلام ، ح۲۸ ) .

  • نام منبع :
    مسند ابي بصير ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27576
صفحه از 610
پرینت  ارسال به