421
مسند ابي بصير ج1

فقد وجدت إلى قتله سبيلاً .
فكتب عبدالملك إلى العامل أن احمل إلى أبي جعفر محمّد بن علي ألف ألف درهم ، وليُعطك ما عنده من ميراث رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم . فأتى العامل منزل أبي جعفر بالمال وقرأه الكتاب فقال : أجِّلني أيّاما ، قال : نعم ، فهيّأ أبي متاعا مكان كل شيء ثمَّ حمله ودفعه إلى العامل ، فبعث به إلى عبدالملك ، فسُرَّ به سرورا شديدا ، فأرسل إلى زيد فعرض عليه فقال زيد : واللّه ما بعث إليك من متاع رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمبقليل ولا كثير ، فكتب عبدالملك إلى أبي إنّك أخذت مالنا ، ولم ترسل إلينا بما طلبنا . فكتب إليه : إنّي قد بعثت إليك بما قد رأيت فإن شئت كان ماطلبت ، وإن شئت لم يكن ، فصدَّقه عبدالملك وجمع أهل الشام وقال : هذا متاع رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم قد أتيت به ، ثمّ أخذ زيدا وقيّده وبعث به إلى أبي وقال له : لولا أني لا أُريد أن أبتلي بدم أحدٍ منكم لقتلتك ، وكتب إلى أبي جعفر عليه السلام إنّي بعثت إليك بابن عمّك فأحسن أدبه ، فلمّا أتى به أطلق عنه وكساه ، ثمَّ إنَّ زيدا ذهّب سرج فسمّه ، ثمَّ أتى به إلى أبي فناشده إلا ركبت هذا السرج ! فقال أبي : ويحك يا زيد ! ما أعظم ما تأتي به ، وما يجري على يديك ، إنّي لأعرف الشجرة الّتي نُحت منها ، ولكن هكذا قدَّر ، فويلٌ لمن أجرى اللّه على يديه الشرّ ، فأسرج له ، فركب أبي ونزل متورِّما ، فأمر بأكفان له فيها ثوب أبيض أحرم فيه وقال : اجعلوه في أكفاني ، وعاش ثلاثا ، ثمَّ مضى عليه السلام لسبيله ، وذلك السرج عند آل محمّد معلّق ، ثمَّ إنَّ زيد بن الحسن بقي بعده أيّاما فعرض له داء ، فلم يزل يتخبّط ويهوي ، وترك الصّلاة حتّى مات . ۱

1.الخرائج ، ج۲ ، ص۶۰۰ ؛ بحار الأنوار ، ج۴۶ ، ص۳۲۹ ( تاريخ الإمام محمّد الباقر عليه السلام ، باب أحوال أصحابه وأهل زمانه ، ح۱۲ ) . والظاهر أ نه سقط من آخر الخبر شيء ، ويظهر منه أنَّ إهانة زيد وبعثه إلى الباقر عليه السلامإنّما كان على وجه المصلحة ، وكان قد واطأه على أن يركبه عليه السلامعلى سرج مسموم بعث به إليه معه ، فأظهر عليه السلام علمه بذلك حيث قال : « أعرفُ الشجرة الّتي نُحت السرج منها ، فكيف لا أعرفُ ما جُعل فيه من السمِّ ! ولكن قدِّر أن تكون شهادتي هكذا » ، فلذا قال عليه السلام : « السرج معلّق عندهم » ، لئلاّ يقربه أحد ، أو ليكون حاضرا يوم ينتقم من الكافر في الرجعة . قوله : « يتخبّطه » أي يُفسده الداء ويذهب عقله ، و« يهوي » أي ينزل في جسده ، ولعلّه كان يهذي من الهذيان . ثمَّ إنّه يشكل بأ نّهُ يخالف ما مرَّ من التاريخ وما سيأتي ، ولعلّه كان هشام بن عبدالملك ، فسقط من الرواة والنسّاخ .


مسند ابي بصير ج1
420

منك وأولى ، ولئن لم تكفَّ لألينَّ قتلك ، فخرَّ زيد مغشيّا عليه ، فأخذ أبي بيده فأقامه .
ثمَّ قال : يا زيد ، إن نطقت الصخرة الّتي نحن عليها أتقبل ؟ قال : نعم ، وحلف له على ذلك ، فرجفت الصخرة الّتي ممّا يلي زيد ، حتّى كادت أن تُفلق ، ولم ترجف ممّا يلي أبي ثمَّ قالت : يا زيد أنت ظالم ، ومحمّد أولى بالأمر منك ، فكفَّ عنه وإلاّ ولّيتُ قتلك ، فخرَّ زيد مغشيّا عليه ، فأخذ أبي بيده وأقامه .
ثمَّ قال : يا زيد ، أرأيت إن نطقت هذه الشجرة أتكفُّ ؟ قال : نعم ، فدعا أبي عليه السلامالشجرة ، فأقبلت تخدّ الأرض حتّى أظلّتهم ثمَّ قالت : يا زيد ، أنت ظالم ، ومحمّد أحقُّ بالأمر منك ، فكفَّ عنه وإلاّ قتلتك ، فغشي على زيد ، فأخذ أبي بيده ، وانصرفت الشجرة إلى موضعها ، فحلف زيد أن لا يعرض لأبي ولا يخاصمه فانصرف .
وخرج زيد من يومه إلى عبدالملك بن مروان فدخل عليه وقال له : أتيتك من عند ساحر كذَّاب لا يحلُّ لك تركه ، وقصَّ عليه ما رأى ، فكتب عبدالملك إلى عامل المدينة ، أن ابعث إليَّ بمحمّد بن علي مقيّدا ، وقال لزيد : أرأيتك إن ولّيتك قتله تقتله ؟ قال : نعم . [ قال : ] فلمّا انتهى الكتاب إلى العامل أجاب عبدالملك : ليس كتابي هذا خلافا عليك يا أمير المؤمنين ، ولا أردُّ أمرك ، ولكن رأيت أن اُراجعك في الكتاب نصيحةً لك وشفقةً عليك ، وإنَّ الرجل الّذي أردته ليس اليوم على وجه الأرض أعفَّ منه ولا أزهد وأورع منه ، وإنّه ليقرأ في محرابه ، فيجتمع الطير والسباع تعجبّا لصوته ، وإنّ قراءته لتشبه مزامير داوود ، وإنّه من أعلم الناس ، وأرقّ الناس وأشدّ الناس اجتهادا وعبادةً ، وكرهتُ لأميرالمؤمنين التعرُّض له ، ف « إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ »۱ فلمّا ورد الكتاب على عبدالملك سُرَّ بما أنهى إليه الوالي وعلم أ نه قد نصحه ، فدعا بزيد بن الحسن فأقرأه الكتاب ، فقال زيد : أعطاه وأرضاه ، فقال عبدالملك : هل تعرف أمرا غير هذا ؟ قال : نعم ، عنده سلاح رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلموسيفه ودرعه وخاتمه وعصاه وتركته ، فاكتب إليه فيه ، فإن هو لم يبعث [ به ]

1.سورة الرعد ( ۱۳ ) ، الآية ۱۱ .

  • نام منبع :
    مسند ابي بصير ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 27585
صفحه از 610
پرینت  ارسال به