203
مناقب علی بن ابیطالب علیه السلام

يندمل ، إنّما زعمتم خوف الفتنة «أَلاَ فِى الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُم بِالْكَـفِرِينَ »۱ ، ثمّ لم تلبثوا حيث تسرون حسوا في ارتغاء ، ونصبر منكم على مثل حز المدى ، وأنتم تزعمون أن لا إرث لنا ، «أَفَحُكْمَ الْجَـهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ »۲ ، يا معشر المسلمين ، أأبتز إرث أبي ؟ ! أبى اللّه أن ترث أباك ولاأرث أبي ! لقد جئت شيئا فريّا ، فدونكها مرحولة مخطومة ، تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم اللّه ، والزعيم محمّد ، والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون .
ثمّ انكفأت إلى قبر أبيها تقول :

قد كان بعدك أنباء وهنبثةلو كنت شاهدها لم تكثر الخط
ب

إنّا فقدناك فقد الأرض وابلهاواختل قومك فاشهدهم فقد نكبوا
فلمّا فرغت من مقالتها ، حمد اللّه أبو بكر وصلى على نبيّه ثمّ قال : يا خير النساء ، ويا ابنة خير الأنبياء ، واللّه ماتجاوزت رأي أبيك رسول اللّه ، ولاخالفت أمره ، إنّ الرائد لايكذب أهله ، إنّي أشهد اللّه وكفى به شهيدا أنّي سمعت رسول اللّه يقول : «إنّا معاشر الأنبياء لانورّث ذهبا ولافضة ولادارا ولاعقارا ، وإنّما نورّث الكتاب والحكمة والنبوة» . ۳

1.سورة التوبة ، الآية ۴۹ .

2.سورة المائدة ، الآية ۵۰.

3.بقيّة الحديث مزيدة ، ففي السند شرقي بن قطامي ، طعن فيه ابن حجر في ميزان الاعتدال (ج ۲ ، ص ۲۶۸) ، وقال : ضعّفه ابن زكريا الساجي ، وذكره ابن عدي في كامله . وقد روى البخاري في صحيحه (ج ۸ ، كتاب الفرائض ، باب قول النبيّ صلى الله عليه و آله لانورّث ، ص ۳) : أنّ فاطمة عليهاالسلامهجرت أبا بكر ولم تكلّمه حتّى توفيت . كما روى هذه الخطبة ـ بغير الزيادة ـ أبو الفضل ابن طيفور في بلاغات النساء (ص ۱۲ ، ص ۱۴) . وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (ج ۱۶ ، ص ۲۱۱) .


مناقب علی بن ابیطالب علیه السلام
202

لاثت خمارها على رأسها ، واشتملت بجلبابها ، وأقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها ، تطأ ذيولها ، ماتخرم مشية رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتّى دخلت على أبي بكر وهو في حشدٍ من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، فنيطت دونها ملآءة ، ثمّ أنّت أنّة أجهش لها القوم بالبكاء ، ثمّ أمهلت هنيهة حتّى إذا سكنت فورتهم افتتحت كلامها بحمد اللّه ، والثناء عليه ، ثمّ قالت : «لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ »۱ فان تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم ، وأخا ابن عمّي ، دون رجالكم ، فبلّغ الرسالة ، صادعا بالنذارة ، مائلاً عن مدرجة المشركين ، ضاربا لحدتهم ، يجذ الأصنام ، وينكث الهام ، ويدعو إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، حتّى تفرّى الليل عن صبحه ، وأسفر الحق عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق الشياطين ، وتمّت كلمة الإخلاص «وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ »۲ ، نهزة الطامع ، ومذقة الشارب ، وقبسة العجلان ، وموطئ الأقدام ، تشربون الطرق ، وتقتاتون القد ، أذلّةً خاسئين ، حتّى استنقذكم اللّه ورسوله بعد اللتيا والّتي ، وبعد أن مَني ببهم الرجال ، وذؤبان العرب ، ومردة أهل الكتاب ، كلّما أوقدوا نارا للحرب ، وفغرت فاغرة ، قذف أخاه في لهواتها فلا ينكفي حتّى يطأ صماخها بأخمصه ، ويطفئ عادية لهبها بسيفه ، وأنتم في رفاهيّة آمنون وادعون ، حتّى إذا اختار اللّه لنبيّه دار أنبيائه ، أطلع الشيطان رأسه ، فدعاكم فألفاكم لدعوته مستجيبين ، وللغرة ملاحظين ، ثمّ استنهضكم فوجدكم غضابا ، فوسمتم غير إبلكم ، ووردتم غير شربكم ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لمّا

1.سورة التوبة ، الآية ۱۲۸ .

2.سورة آل عمران ، الآية ۱۰۳ .

  • نام منبع :
    مناقب علی بن ابیطالب علیه السلام
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الرزّاق محمد حسين حرزالدين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 18667
صفحه از 423
پرینت  ارسال به