343
مناقب علی بن ابیطالب علیه السلام

المشركين ينادي : الأسير الغريب المسكين الجائع ، فلمّا نظر الأسير إلى المرأة تطعم الصبي من حضنها ، أقبل إليها فقال : يا أمة اللّه أطعميني ممّا أراك تطعمينه هذا الصبي .
قالت المرأة : لا لعمرك واللّه ، ماكنت لأُطعمك من رزقٍ رزق اللّه هذا اليتيم المسكين ، ولكني أدلّك على من أطعمني كما دلّني عليه سائل قبلك .
قال لها الأسير : وأن الدال على الخير كفاعله .
فقالت له : أهل ذلك المنزل الّذي ترى فيه رجلاً وامرأة ، أطعما مسكينا سائلاً وهذا اليتيم .
فانطلق الأسير إلى باب عليّ وفاطمة عليهم السلام ، فهتف بأعلى صوته : يا أهل المنزل ، أطعموا الأسير الغريب المسكين من فضل مارزقكم اللّه تعالى .
فقال عليّ لفاطمة : أعندك شيء ؟
قالت : ماعندي طحين ، أصبت فضل تميرات ، فخلصتهن من النوى ، وعصرت النحي فقطرته على التمرات ، ودقّقت ما كان عندي من فضل الإقط ، فجعلته حيسا ، فما فضل عندنا شيء نفطر عليه غيره .
فقال لها عليّ عليه السلام : آثري به هذا الأسير المسكين الغريب .
فقامت فاطمة إلى ذلك الحيس فدفعته إلى الأسير ، وباتا يتضوران على الجوع من غير إفطار ولاعشاءٍ ولاسحور ، ثمّ أصبحا صائمين حتّى أتاهما اللّه سبحانه برزقهما عند الليل ، فصبرا على الجوع ، فنزل في ذلك : «وَ يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِى مِسْكِينًا وَ يَتِيمًا وَ أَسِيرًا » أي : على شدة شهوتهم له «مِسْكِينًا » قرص ملة ، «وَ يَتِيمًا » حريرة ، «وَ أَسِيرًا » حيسا ، «إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ » يخبر عن ضميرهما «لِوَجْهِ اللَّهِ » يقول إرادة ما عند اللّه من الثواب . «لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ » في الدنيا «جَزَآءً » ، يعني : ثوابا «وَ لاَ شُكُورًا » يقول : ثناء يثنون به علينا «إِنَّا نَخَافُ » يخبر عن ضميرهما ، «مِن رَّبِّنَا يَوْمًا


مناقب علی بن ابیطالب علیه السلام
342

قالت فاطمة : هيأت قرصا ، وكان في النحي شيء من سمن ، فجعلته فيه أنتظر به إفطارنا .
فقال لها عليّ عليه السلام : آثري به هذا المسكين الجائع المحتاج .
فقامت فاطمة عليهاالسلام بالقرص مأدوما فدفعته إلى المسكين ، فجعله المسكين في حضنه وخرج به متوجها من عندهما يأكل من حضن نفسه ، فأقبلت امرأة معها صبي صغير تنادي : اليتيم المسكين الّذي لا أب له ولا أم ، ولا أحد ، فلمّا رأت المرأة الّتي معها اليتيم المسكينَ يأكل من حضن نفسه ، أقبلت باليتيم فقالت : ياعبد اللّه ، أطعم هذا اليتيم المسكين ممّا أراك تأكل ، فقال لها المسكين : لالعمرك واللّه ، ما كنت لأُطعمك من رزق ساقه اللّه تعالى إليَّ ولكني أدلّك على من أطعمني ، فقالت : فادللني عليه ؟ فقال لها : أهل ذلك البيت الّذيترين ، ـ وأشار إليه من بعيد ـ فإن في ذلك المنزل رجلاً وامرأة أطعمانيه . قالت المرأة : فان الدال على الخير كفاعله . قال المسكين : وإنّي لأرجو أن يطعما يتيمكِ كما أطعماني .
فأقبلت باليتيم حتّى ضربت على عليّ ونادت : يا أهل المنزل ، أطعموا اليتيم المسكين الّذي لا أب له ولا أمّ ، من فضل مارزقكم اللّه .
فقال عليّ عليه السلاملفاطمة : عندك شيء ؟
فقالت : فضل طحين عندي فجعلته حريرة ، وليس عندنا غيره ، وقد اقترب الإفطار .
فقال لها عليّ : آثري به هذا المسكين اليتيم «وَ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌَ أَبْقَى »۱ .
فقامت فاطمة عليهاالسلامبالقدر بما فيه فكبتها في حضن المرأة ، فخرجت المرأة تطعم الصبي اليتيم ممّا في حضنها ، فلم تجز بعيدا حتّى أقبل أسير من اُسراء

1.سورة القصص ، الآية ۶۰.

  • نام منبع :
    مناقب علی بن ابیطالب علیه السلام
    سایر پدیدآورندگان :
    عبد الرزّاق محمد حسين حرزالدين
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1380
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 12105
صفحه از 423
پرینت  ارسال به