103
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

من الأشياء إنّما هو بتباين ذاته مع ذواتها، لا كجسماني خارج من جسماني.
(سُبْحَانَ مَنْ هُوَ هكَذَا وَلَا هكَذَا غَيْرُهُ) . أي كلّ ما عداه تعالى له دخول مكاني وكذا خروجه، وقس عليهما الباقي.
(وَلِكُلِّ شَيْءٍ مَبْتَدَأٌ۱) ؛ بفتح المهملة، مرفوع على الابتداء، وخبره الظرف المتقدّم عليه. وإنّما ذكره ليكون دليلاً على قوله: «ولا هكذا غيره». والمراد بالمَبتدأ الحدّ، أي لكلّ شيء غيره تعالى حدّ معيّن يبتدأ منه وجوده، إمّا واحد كالكرة، وإمّا متعدّد كالمكعّب. وهذا لإبطال قول الفلاسفة القائلين بقدم العالم، وبتجرّد العقول والنفوس. ۲
الثالث: (مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : إِنِّي نَاظَرْتُ قَوْما، فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّ اللّهَ ـ جَلَّ جَلَالُهُ ـ أَجَلُّ) أي أظهر وأوضح؛ مأخوذ من الجلّ بالكسر ضدّ الدقّ، أو من الجليل ضدّ الحقير. ۳(وَأَكْرَمُ)۴ أي أعزّ. كأنّ الخفيّ ـ الذي يحتاج في إثباته إلى دقّة نظر وطول فكر ومناظرة ـ فيه ذلّة.
(مِنْ أَنْ يُعْرَفَ بِخَلْقِهِ) . الباء للآلة؛ ۵ أي من أن يعرف ربوبيّته بتعليم خلقه كالأنبياء والرُّسل ونحوهم.
(بَلِ) ؛ للإضراب والإبطال، كقوله سبحانه: «بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ»۶ .
(الْعِبَادُ) أي المصطفَون، وهم الرُّسل والأئمّة عليهم السلام .
(يُعْرَفُونَ بِاللّهِ) ؛ بصيغة المجهول من باب ضرب؛ أي يعرف رسالتهم وإمامتهم

1.في الكافي المطبوع : «مُبتدأ» بضمّ الأوّل .

2.اُنظر الحكمة المتعالية ، ج ۶ ، ص ۲ ـ ۷ لترى قول الفلاسفة في قدم العالم وحدوثه .

3.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۵۰ (جلّ) .

4.في الكافي المطبوع : «وأعزّ وأكرم» بدل «وأكرم» .

5.في «ج» : «للسببية» .

6.الأنبياء (۲۱) : ۲۶ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
102

للسببيّة. «ربّك» أي إنّ لك ربّا لا يشرك في حكمه أحدا، ولا يجوز العبادة إلّا له. «ما» مصدريّة. «عرّفني» معلوم باب التفعيل. «نفسه» بالنصب مفعول به.
(قِيلَ: وَكَيْفَ عَرَّفَكَ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ۱
: لَا يُشْبِهُهُ صُورَةٌ)
. هذا إلى آخره بيان اللوازم البيّنة للربوبيّة. ۲(وَلَا يُحَسُّ بِالْحَوَاسِّ، وَلَا يُقَاسُ بِالنَّاسِ، قَرِيبٌ فِي بُعْدِهِ) . «في» بمعنى «مع» أي لا يستلزم بُعده منّا ـ بمعنى عدم الشبه بينه وبين خلقه ـ أن لا يكون قريبا منّا بظهور الدلالة عليه، أو بعلمه بكلّ شيء.
(بَعِيدٌ فِي قُرْبِهِ) . إنّما ذكر ذلك مع أنّه معلوم من سابقه؛ احتياطا بتكرار نفي التشبيه ببيان أنّ قربه منّا لا يستلزم التشبيه.
(فَوْقُ۳كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يُقَالُ: شَيْءٌ فَوْقَهُ) . تصحيحٌ لبُعده. و«فوق» بالرفع من الظروف المتمكِّنة، والفوقيّة بالعلّيّة لكلّ شيء، أو بالقدرة على كلّ شيء، ومقول القول جملة قولِه: «شيء فوقه». وإنّما جاز وقوع النكرة مبتدأً لأنّها هنا في حكم ما في سياق النفي.
(أَمَامُ۴كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يُقَالُ: لَهُ أَمَامٌ) . تصحيحٌ أيضا لبعده تعالى. و«أمام» بفتح الهمزة بالرفع من الظروف المتمكّنة، أي قبل كلّ شيء بالزمان. ومقول القول جملة قولِه: «له أمام».
(دَاخِلٌ فِي الْأَشْيَاءِ لَا كَشَيْءٍ دَاخِلٍ فِي شَيْءٍ ) . تصحيحٌ أيضا لبُعده ببيان أنّ دخوله في الأشياء إنّما هو بكونه شيئا بحقيقة الشيئيّة، أو بعلمه بكلّ شيء، لا كجسماني داخل في جسماني.
(وَخَارِجٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ لَا كَشَيْءٍ خَارِجٍ مِنْ شَيْءٍ) . تصحيحٌ أيضا لبعده بأنّ خروجه

1.في الكافي المطبوع : «قال» .

2.في «ج» : «لشواهد الربوبيّة». وفي حاشية «أ» : «الشواهد الربوبيّة في الآفاق والأنفس» بدل «اللوازم البينة للربوبيّة» .

3.في الكافي المطبوع : «فوقَ» بفتح الأخير .

4.في الكافي المطبوع : «أمامَ» بفتح الأخير .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 56569
صفحه از 584
پرینت  ارسال به