115
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

وأمّا الثاني، فلأنّ كون اسم شيء عينَ مباينٍ له سفسطة.
الثالثة: أن يكون الصفة فيه تعالى يستلزم كونها قديمة وصفة كمال؛ لاستحالة حلول الحوادث فيه تعالى.
الرابعة: أنّ كمال الشيء لو كان صفة فيه، لكان أكبر وأولى باستحقاق العبادة من الموصوف. ومضى في أوّل الباب ما يوضح هذا الدليل.
(وَلكِنَّ اللّهَ مَعْنىً) أي مقصود التصوّر بالوجه.
(يُدَلُّ) ؛ بصيغة المجهول استئنافٌ لبيان كونه تعالى معنى، أو صفةً موضحة لـ«معنى».
(عَلَيْهِ) . الظرف قائم مقام الفاعل.
(بِهذِهِ الْأَسْمَاءِ) ؛ لأن يعلم بالوجه. وهذا إشارة إلى ما تقرّر من الفرق بين العلم بالشيء بالوجه والعلم بوجه الشيء؛ بأنّ الثاني تصوّر بالكنه، بخلاف الأوّل؛ وإلى أنّ ما نحن فيه من الأوّل.
(وَكُلُّهَا) أي كلّ واحد منها (غَيْرُهُ) أي لا يمكن أن يكون اسم من أسمائه عينَ مسمّاه، والمسمّى عين ذاته تعالى.
(يَا هِشَامُ، الْخُبْزُ اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ، وَالْمَاءُ اسْمٌ لِلْمَشْرُوبِ، وَالثَّوْبُ اسْمٌ لِلْمَلْبُوسِ، وَالنَّارُ اسْمٌ لِلْمُحْرِقِ) . اللام في المأكول ونظائره للعهد.
وهذا استدلال على قوله: «وكلّها غيره» أي كلّ واحدٍ من هذه الأسماء عين الذات المسمّى؛ لأنّه من أسماء الأجناس، ويستحيل أن تتصادق في شيء واحد، ونعلم بديهةً أنّ اسما من أسماء اللّه تعالى ليس من هذا القبيل، فهو غير الذات.
(أَ فَهِمْتَ يَا هِشَامُ، فَهْما تَدْفَعُ بِهِ) . إشارة إلى أنّ ذكر هذه الأسماء على سبيل المثال، فهكذا أعلام الأشخاص والأجناس.
(وَتُنَاضِلُ) ؛ بالنون والمعجمة؛ أي تجادل وتخاصم.
(بِهِ أَعْدَاءَنَا) . تسميتهم أعداءً أو نواصبَ كتسمية الذين قالوا: إنّ اللّه ثالث ثلاثة من النصارى أعداءَ اللّه مع دعواهم أنّهم أحبّ أحبّائه.
(وَالْمُلحِدينَ) في أسمائه تعالى.


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
114

لاعتقاده أنّ الاسم موجود في نفسه في المعنى. ومضى بيانه في شرح أوّل الباب، أو شيئين مطلقا.
(وَمَنْ عَبَدَ الْمَعْنى دُونَ الِاسْمِ، فَذَاكَ التَّوْحِيدُ) أي فعمله التوحيدُ الحصرُ؛ لأنّ التوحيد يشتمل على أمرين:
الأوّل: الإقرار باستحقاق العبادة لمن يستحقّها. وهذا غير متحقّق فيمن عبد الاسم دون المعنى.
الثاني: الإقرار بأنّه لا يستحقّ العبادة إلّا إله واحد. وهذا غير متحقّق فيمن عبد الاسم والمعنى.
(أَ فَهِمْتَ يَا هِشَامُ؟ قَالَ: فَقُلْتُ:۱زِدْنِي) بيانا. زاد عليه السلام البيانَ بالاستدلال على أنّه ليس كلّ اسم له تعالى ولا بعض أسمائه عينَ المسمّى.
(قَالَ: إِنَّ لِلّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْما۲) . تخصيص هذا العدد بالذِّكر مع أنّه يجيء أكثر منه في أوّل «باب حدوث الأسماء» مماشاةٌ مع المخالفين؛ لأنّه موافق لرواياتهم أيضا.
(فَلَوْ كَانَ الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمّى، لَكَانَ كُلُّ اسْمٍ مِنْهَا إِلها) أي لَتحقّق تسعة وتسعون إلها غير ذات اللّه .

وهذا الدليل مبنيّ على مقدّمات:

الاُولى: أنّ المفهومات التسعة والتسعين متغايرة ضرورةً.
الثانية: أنّه لو كان الاسم عين المسمّى، لكان المسمّى عين صفة فيه تعالى؛ لظهور بطلان كون اسم عين مسمّاه، والمسمّى عين ذاته تعالى، أو عين ذات مخلوقة له تعالى.
أمّا الأوّل، فلأنّه لم يحصل، بل لا يمكن لنا إدراك شخصه تعالى ولا إدراك كنه ذاته، مع أنّا ندعوه بكلّ من هذه الأسماء. وإليه يشير في قوله: «وكلّها غيره» إلى آخره.

1.في «ج» : «قلت» .

2.في حاشية «أ» : «روى محمّد بن بابويه رحمه الله في الباب التاسع والعشرين بإسناده عن عليّ عليه السلام قال ، قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : للّه عزّوجلّ تسعة وتسعون اسما؛ من دعا اللّه بها استجاب له، ومن أحصاها دخل الجنّة» . التوحيد ، ص ۱۹۵ ، ح ۹ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 55464
صفحه از 584
پرینت  ارسال به