129
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

الخامسة: قوله:
(وَيْلَكَ أَيُّهَا السَّائِلُ ، إِنَّ رَبِّي لَا تَغْشَاهُ) أي لا تعرضه، أو لا تدركه (الْأَوْهَامُ) ؛ جمع «وَهم» بالفتح، وهو الغلط في الحساب ونحوه؛ أو هو الخاطر.
(وَلَا تَنْزِلُ بِهِ الشُّبَهَاتُ) ؛ بضمّ المعجمة، وفتح الموحّدة وإسكانها وضمّها، جمع «شبهة» بالضمّ: الالتباس. والمراد أنّ اللّه بالغ أمره، لا يشتبه عليه شيء.
(وَلَا يُجَارُ) من شيء؛ بالجيم على ما في أكثر النسخ؛ إمّا بضمّ ياء المضارعة والألف من الإجارة، يُقال: أجاره اللّه من العذاب، أي أنقذه؛ وإمّا بفتحها والهمز، يقال: جأر ـ كمنع ـ جأرا وجؤارا: ۱ إذا رفع صوته بالدعاء، وتضرّع واستغاث. ۲ وفي بعض النسخ بالمهملة، وبفتح ياء المضارعة، من باب علم، من الحيرة.
(وَلَا يُجَاوِرُهُ۳شَيْءٌ ) أي مجاورة مكانيّة.
(وَلَا تَنْزِلُ۴بِهِ الْأَحْدَاثُ) ؛ جمع حدث بفتحتين: نوائب الدهر وبلاياه.
(وَلَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ) أي لا يجوز لأحد الاعتراضُ عليه في شيء فَعَلَه، أو الاستكشاف عن سرّ قدر ما قدَّر، وخلق ما خَلَقَ؛ لأنّه يتعالى عن أذهان الخلائق، ومعلوم أنّ ربّنا الذي أعطى كلّ شيءٍ خلقه، أي ما يليق به من الخلق والتدبير؛ لرعاية الحكمة في كلّ ما خلق.
(وَلَا يَنْدَمُ عَلى شَيْءٍ) . جارٍ مجرى عطف التفسير.
(وَ«لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ») . اقتباس من آية الكرسيّ، ۵ وهو فيها استئناف لبيان قوله: «القيّوم».
والسنة: الإعياءُ الحاصل من الأعمال الشاقّة، والنعاسُ. والأوّل أوفق بما سيجيء في

1.في «ج» : «وجؤرا» .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۸۴ (جأر) .

3.في الكافي المطبوع : «ولا يجاوزه» .

4.في الكافي المطبوع : «ولا ينزل» .

5.البقرة (۲) : ۲۵۵ . والظاهر أنّ مقصوده من الاقتباس إدراج الكلام القرآني في كلامه .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
128

الكيف أوّلاً ـ ويعلم منه نفيه آخرا أيضا ـ اكتفى في الآخر بنفي الأين.
إن قلت: قوله: «ويكون» يدلّ على سبق الأوّليّة له على الآخريّة، وهذا مناف لما في نهج البلاغة من قول أمير المؤمنين عليه السلام : «الذي لم يسبق له حالٌ حالاً، فيكون أوّلاً قبل أن يكون آخرا؟» ۱ .
قلت: سَبْق أوّليّته على آخريّته إمّا باعتبار سبق حال فيه من كيف وكمّ على حال اُخرى فيه، أو لا. والمراد بما في نهج البلاغة نفي الأوّل. ويجيء في خامس السادس عشر. ۲ والمراد هنا إثبات الثاني.
(وَ «كُلُّ شَىْ ءٍ هَالِكٌ إِلَا وَجْهَهُ»۳ ). سيجيء تفسيره في أوّل «باب النوادر» وثانيه.
«لَهُ الْخَلْقُ» . هذا إلى آخره اقتباس من سورة الأعراف. ۴
«الخلق»: التقدير؛ تقول: خلقت الأديم: إذا قدّرته قبل القطع ۵ . ولا يلزم أن يكون الخالق لشيء مكوّنا له، والمراد بإطلاق الخلق التقدير من جميع الوجوه، وهو مختصّ باللّه تعالى.
«وَالْأَمْرُ» أي الحكم؛ إذ لا حكم إلّا للّه . أو المراد كون الخلق بمحض نفوذ الإرادة بلا فعل علاجي وتعب؛ مأخوذا من قوله تعالى في سورة يس: «إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ»۶ . وحينئذٍ يمكن أن يكون المراد بالخلق مطلق التدبير، ويكون التخصيص المفهوم من تقديم الظرف باعتبار المجموع.
«تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ»۷ .

1.نهج البلاغة ، ص ۹۶ ، الخطبة ۶۵ .

2.أي الحديث ۵ من باب معاني الأسماء واشتقاقها .

3.القصص (۲۸) : ۸۸ .

4.الأعراف (۷) : ۵۴ . وهذا ليس اقتباس ، بل هي آية ؛ إلّا أن يكون مقصوده من الاقتباس إدراج الكلام القرآني في كلامه .

5.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۴۷۰ (خلق) .

6.يس (۳۶) : ۸۲ .

7.تتمّة الآية ۵۴ من سورة الأعراف .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 57103
صفحه از 584
پرینت  ارسال به