وقوله: «هو قبل القبل بلا قبل» استئناف بياني للسابق؛ أي هو مقدّم على أوّل الحوادث بلا توقّف صدور أوّل الحوادث عنه على شرط حادث، كما مضى في ثاني الباب من قوله عليه السلام : «وكان اعتماده على قدرته».
وهذا مناط دفع شبه اليهود والفلاسفة، وبه يظهر جواز تخلّف المعلول عن العلّة التامّة في الأفعال الاختياريّة، وتفصيله في المقدّمة الثانية من الحاشية الاُولى من حواشينا على عدّة الاُصول. ۱
و«لا» في قوله: «ولا غاية» وفي قوله: «ولا منتهى» مزيدة لتأكيد النفي. والغاية: النفع الحاصل للفاعل بسبب فعله.
و«منتهى» مجرور تقديرا ومنوّن، والمراد به الغاية المقصودة بالذات، ويُقال لها: غاية الغايات. ونفيه هنا بعد نفي الغاية من قبيل قوله تعالى في سورة يونس: «وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ»۲ ، وفي سورة القمر: «وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ»۳ ، وفي سورة المجادلة: «وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَا هُوَ مَعَهُمْ»۴ .
الخامسة: (انْقَطَعَتْ عَنْهُ الْغَايَةُ وَهُوَ غَايَةُ كُلِّ غَايَةٍ) . هذه لتأكيد نفي الغاية المذكورِ ۵ في الرابعة، وذلك لأنّ الأوهام العامّيّة تستبعد أن يكون فعل بلا غاية.
وقوله: «وهو غاية كلّ غاية» إشارة إلى ما في سورة التوبة من قوله تعالى: «وَرِضْوَانٌ مِنْ اللّهِ أَكْبَرُ»۶ . والمراد أنّ كلّ نفع دنيوي أو اُخروي للعباد سهل في جنب رضاه تعالى، ورضاه منتهى مراتب الغايات.