143
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

من شيء، ومع دنوّه من أذهاننا بعيد عن صفاتنا الرذيلة وعمّا لا يليق به، كإثبات الشريك في التكوين بمحض قول: «كُن»، أو في استحقاق العبادة، أو في الاسم الجامد المحض. والفاء التعقيبيّة هنا باعتبار معرفتنا بذلك، وهو تعالى يغفر العصيان ويشكر الطاعة، فهو المستحقّ لرفع الحوائج إليه. وقوله:
(لَا تَحْوِيهِ أَرْضُهُ، وَلَا تُقِلُّهُ سَمَاوَاتُهُ، حَامِلُ الْأَشْيَاءِ بِقُدْرَتِهِ، دَيْمُومِيٌّ، أَزَلِيٌّ) ، ناظرٌ إلى معنى «أحد» يُقال: حواه بالمهملة إذا غلبه وملكه، وأجواه بالجيم إذا أحزنه، ويُقال: أقلّه إذا جعله مستقلّاً مستبدّا، أي لا يحصل له بسبب معصية أهل أرضه مغلوبيّة أو حُزن، ولا يحصل له بسبب إطاعة أهل سماواته رفعة شأن؛ لأنّه حامل كلّ شيء لا بجارحة بل بقدرته؛ لأنّه ديمومي، أي لا يتغيّر؛ نسبة إلى «ديمومة» مصدر دام الشيء يدوم ويدام دوما ودواما وديمومة، أي أبدي.
وتكرار «أزليٌّ» هنا لبيان «ديمومي» لأنّ ما ثبت ۱ قدمه امتنع عدمه، أو لكمال مناسبته مع «ديمومي». وقوله:
(لَا يَنْسى وَلَا يَلْهُو، وَلَا يَغْلَطُ وَلَا يَلْعَبُ، وَلَا لِاءِرَادَتِهِ فَصْلٌ، وَفَصْلُهُ جَزَاءٌ، وَأَمْرُهُ وَاقِعٌ) ، بيانٌ آخر لقوله: «لا تحويه» إلى آخره، أو ناظر إلى معنى الصمد؛ يُقال: نسِيَه ـ كرضي ـ : إذا ذهب علمه به عن ذهنه بالكلّيّة، ويُقال: لَها عنه ـ كدعا ورضي ـ : إذا غفل وترك ذكره، ويُقال: غلط ـ كعلم ـ في الحساب وغيره: إذا لم يعرف وجه الصواب فيه.
واللَعب ـ بالفتح والكسر، وككتف مصدر باب علم ـ : ضدّ الجدّ.
ومعنى «عدم فضل لإرادته» إن كان بالمعجمة أنّها تستلزم المراد، وإن كان بالمهملة أنّ إرادته ليست فاصلة بين شيء وشيء بأن تتعلّق بطاعة دون معصية، فإنّ كلّ ۲ واقع بإرادته تعالى حتّى معاصي العباد، كما يجيء في أوّل «باب في أنّه لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء إلّا بسبعة». أو المراد أنّه قادر على كلّ شيء لا يمتنع عن إرادته شيء دون شيء.

1.في «ج» : «يثبت» .

2.في «ج» : «كان» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
142

الخلق وحوائجهم، وهو معروف عند كلّ جاهل به منكرٍ ۱ له؛ لأنّ من ينكره إنّما ينكر بلسانه مع إقرار قلبه به، ۲ كما في نهج البلاغة من قوله عليه السلام : «فهو الذي تشهد له أعلام الوجود، على إقرار قلب ذي الجحود»؛ ۳ فكلّ خلقه في الحقيقة يرفع حوائجه إليه في اضطراره إذا راجع قلبه. ويمكن أن يُراد بالجاهل نحو الأطفال المميّزين. وقوله:
(فَرْدَانِيّا، لَا خَلْقُهُ فِيهِ، وَلَا هُوَ فِي خَلْقِهِ، غَيْرُ مَحْسُوسٍ وَلَا مَجْسُوسٍ، لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) ، ناظرٌ إلى معنى «أحد».
والفردانيّ نسبة إلى الفرد، وزيادة الألف والنون للمبالغة؛ أي فرد الذات ليس خلقه فيه بأن يكون موصوفا بصفة موجودة في الخارج في نفسها، وليس هو في خلقه لا بالحلول، ولا بالأين، ولا بالجزئيّة لمركّب حقيقي، ولا بالاتّحاد وأمثال ذلك.
قوله: «غير محسوس» بالحاء المهملة، أي لا يعقل ذاته ضرورة.
وقوله: «ولا مجسوس» بالجيم، أي ولا يعقل ذاته نظرا، كما مضى في خامس الأوّل. ۴
وقوله: «لا تدركه» استئنافٌ للإشارة إلى أنّه لو كان محسوسا لكان بالأبصار؛ لظهور بطلان تعلّق الحواسّ الاُخر به، أو تخصيص بعد تعميم للاهتمام؛ لوقوع الخلاف المشهور فيه. ۵ وقوله:
(عَلَا فَقَرُبَ ، وَدَنَا فَبَعُدَ، وَعُصِيَ فَغَفَرَ، وَأُطِيعَ فَشَكَرَ) ، ناظرٌ إلى معنى الصمد؛ أي مع علوّه وربوبيّته قريب من أذهان الناظرين في ملكوت السماوات والأرض وما خلق اللّه

1.في «ج» : «منكرا» .

2.في «ج» : - «به» .

3.نهج البلاغة ، ص ۵۳ ، الخطبة ۴۹ .

4.أي الحديث ۵ من باب حدوث العالم وإثبات المحدث .

5.في حاشية «أ» : «متعلّق بوقوع» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 70771
صفحه از 584
پرینت  ارسال به