من شيء، ومع دنوّه من أذهاننا بعيد عن صفاتنا الرذيلة وعمّا لا يليق به، كإثبات الشريك في التكوين بمحض قول: «كُن»، أو في استحقاق العبادة، أو في الاسم الجامد المحض. والفاء التعقيبيّة هنا باعتبار معرفتنا بذلك، وهو تعالى يغفر العصيان ويشكر الطاعة، فهو المستحقّ لرفع الحوائج إليه. وقوله:
(لَا تَحْوِيهِ أَرْضُهُ، وَلَا تُقِلُّهُ سَمَاوَاتُهُ، حَامِلُ الْأَشْيَاءِ بِقُدْرَتِهِ، دَيْمُومِيٌّ، أَزَلِيٌّ) ، ناظرٌ إلى معنى «أحد» يُقال: حواه بالمهملة إذا غلبه وملكه، وأجواه بالجيم إذا أحزنه، ويُقال: أقلّه إذا جعله مستقلّاً مستبدّا، أي لا يحصل له بسبب معصية أهل أرضه مغلوبيّة أو حُزن، ولا يحصل له بسبب إطاعة أهل سماواته رفعة شأن؛ لأنّه حامل كلّ شيء لا بجارحة بل بقدرته؛ لأنّه ديمومي، أي لا يتغيّر؛ نسبة إلى «ديمومة» مصدر دام الشيء يدوم ويدام دوما ودواما وديمومة، أي أبدي.
وتكرار «أزليٌّ» هنا لبيان «ديمومي» لأنّ ما ثبت ۱ قدمه امتنع عدمه، أو لكمال مناسبته مع «ديمومي». وقوله:
(لَا يَنْسى وَلَا يَلْهُو، وَلَا يَغْلَطُ وَلَا يَلْعَبُ، وَلَا لِاءِرَادَتِهِ فَصْلٌ، وَفَصْلُهُ جَزَاءٌ، وَأَمْرُهُ وَاقِعٌ) ، بيانٌ آخر لقوله: «لا تحويه» إلى آخره، أو ناظر إلى معنى الصمد؛ يُقال: نسِيَه ـ كرضي ـ : إذا ذهب علمه به عن ذهنه بالكلّيّة، ويُقال: لَها عنه ـ كدعا ورضي ـ : إذا غفل وترك ذكره، ويُقال: غلط ـ كعلم ـ في الحساب وغيره: إذا لم يعرف وجه الصواب فيه.
واللَعب ـ بالفتح والكسر، وككتف مصدر باب علم ـ : ضدّ الجدّ.
ومعنى «عدم فضل لإرادته» إن كان بالمعجمة أنّها تستلزم المراد، وإن كان بالمهملة أنّ إرادته ليست فاصلة بين شيء وشيء بأن تتعلّق بطاعة دون معصية، فإنّ كلّ ۲ واقع بإرادته تعالى حتّى معاصي العباد، كما يجيء في أوّل «باب في أنّه لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء إلّا بسبعة». أو المراد أنّه قادر على كلّ شيء لا يمتنع عن إرادته شيء دون شيء.