149
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

تفسير للآية بأنّ «إلى» حرف جرّ قدّمت لإفادة الحصر. و«المنتهى» مصدر ميمي، ومدخول «إلى» يكون خارجا عن الحكم، كما أنّ مدخول «من» خارج عنه.
والمراد أنّ الكتاب الذي عُبّر عنه في سابق الآية ب«ذكرنا» في قوله: «فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا»۱ وهو المتولّى عنه في قوله في سابق الآية أيضا: «أَفَرَأَيْتَ الَّذِى تَوَلَّى»۲ تبيانٌ ۳ لكلّ شيء سوى ذات اللّه تعالى، فالحجّة قائمة على من تولّى عن ذكر اللّه ، فلم يبق للإنسان المتولّي عن كتاب اللّه ، طريق الاعتذار لدفع الجزاء الأوفى عن نفسه بأنّ بعض الأحكام لم يكن مبيّنا في كتاب اللّه ، وذلك لأنّ محكمات كتاب اللّه اُمّ الكتاب، فهنّ دلالات صريحة على إمامٍ عالم بجميع المتشابهات والأحكام في كلّ زمانٍ، كما مرّ تفصيله في شرح الثاني عشر من أوّل «كتاب العقل». والحاصل أنّه لا انتهاء لتبيان كتاب اللّه إلّا إلى ذات اللّه ، وإنّما لم يبيّن في كتاب اللّه لعدم إمكان علم الخلائق به.
ثمّ إنّ المشهور بين العامّة في تفسير الآية أنّ المراد أنّ انتهاء الخلائق بعد الموت والحشر إلى اللّه للحساب والثواب والعقاب. ۴
ولا يخفى أنّه على هذا يصير ذكرُ هذه الآية بعد قوله: «وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى»۵ قليل الفائدة.
الرابع: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، ۶ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ النَّاسَ لَا يَزَالُ لَهُمُ ۷ الْمَنْطِقُ) أي جائزا لهم

1.النجم (۵۳) : ۲۹ .

2.النجم (۵۳): ۳۳.

3.خبر «أنّ» في قوله : «والمراد أنّ الكتاب» .

4.جامع البيان للطبري ، ج ۲۷ ، ص ۹۸ ؛ تفسير الثعلبي ، ج ۹ ، ص ۱۵۴ ؛ تفسير السمعاني ، ج ۵ ، ص ۳۰۱ ؛ تفسير البغوي ، ج ۴ ، ص ۲۵۵ .

5.النجم (۵۳) : ۴۰ ـ ۴۱ .

6.في «ج» : - «عن أبي أيّوب» .

7.في الكافي المطبوع : «بهم» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
148

مال، وللجماعة: ذوات مال ۱ ثمّ اقتطعوا عنها مقتضيها، وأجروها مجرى الأسماء التامّة المستقلّة بأنفسها غير المقتضية لما سواها فقالوا: ذات متميّزة، وذاتان متميّزتان، وذوات متميّزات، ونسبوا إليها كما هي من غير تغيير علامةَ التأنيث، فقالوا: الصفات الذاتيّة، واستعملوها استعمالَ «النفس» و«الشيء» ۲ ، وهو المراد هنا، فالمقصود ۳ النهي عن الكلام في بيان كنه حقيقة اللّه .
وقد يستعمل «ذات اللّه » بمعنى «أمر اللّه » كما قيل في قول العرب: جعل اللّه ما بيننا في ذاته. ۴ وعليه قول أبي تمّام: فيضرب في ذات الإله فيوجِعُ. ۵ وهو المراد بما في آخر «كتاب الروضة» عن عليّ بن الحسين عليهماالسلامأنّه كان يقول: «ويل اُمّه فاسقا من لا يزال مماريا، ويل اُمّه فاجرا من لا يزال مخاصما، ويل اُمّه آثما مَن كثر كلامه في غير ذاتِ اللّه عزّ وجلّ» انتهى. ۶
فالمقصود به النهي عن الكلام بالرأي في الأحكام الشرعيّة، فلا منافاة بينهما.
الثالث: (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يَقُولُ:) في سورة النجم ( «وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ المُنْتَهى»۷ فَإِذَا انْتَهَى الْكَلَامُ إِلَى اللّهِ) أي إلى ذات اللّه (فَأَمْسِكُوا) .

1.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۵۵۱ ؛ لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۴۵۷ ؛ تاج العروس ، ج ۲۰ ، ص ۳۸۸ (ذو) .

2.البرهان للزركشي ، ج ۴ ، ص ۲۷۸ .

3.في «ج» : «والمقصود» .

4.في حاشية «أ» : «نقله في المغرب (منه دام ظله)» . وانظر البرهان للزركشي ، ج ۴ ، ص ۲۷۸ وحكاه السيّد علي خان في رياض السالكين ، ص ۳۴ عن صاحب التكملة .

5.حكاه عنه الثعالبي في يتيمة الدهر ، ج ۴ ، ص ۱۴۸ ، والزركشي في البرهان ، ج ۴ ، ص ۲۷۸ ، وكلّ البيت : يقول فيبدع ويمشي فيسرعويضرب في ذات الإله فيوجع وحكاه أيضا البغدادي في خزانة الأدب ، ج ۱ ، ص ۱۵۱ ، والمراد فيضرب بسبب أمر اللّه .

6.الكافي ، ج ۸ ، ص ۳۹۱ ، ح ۵۸۷ ، وفيه : «وَيْلُمِّه» بدل «ويل اُمّه»؛ وسائل الشيعة ، ج ۱۲ ، ص ۲۳۷ ، ح ۱۶۱۸۵ .

7.النجم (۵۳) : ۴۲ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 71153
صفحه از 584
پرینت  ارسال به