17
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

احتذاء مثال . ۱(يَبْلُغُهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام أَشْيَاءُ) . دالّةٌ على كمال علمه وجِدّه في نصرة الإيمان باللّه تعالى، وإبطال الزندقة .
(فَخَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ) . عدّي ب«إلى» لتضمين معنى التوجّه .
(لِيُنَاظِرَهُ) أي ليحتجّ عليه في نفي الخالق للأجسام، كما يشعر به قوله عليه السلام فيما بعد: «ليس لمن لا يعلم حجّة» إلى آخره .
(فَلَمْ يُصَادِفْهُ بِهَا) : بالمدينة (وَقِيلَ لَهُ : إِنَّهُ) أي أبا عبداللّه عليه السلام (خَارِجٌ) من المدينة (بِمَكَّةَ) . خبر بعد خبر، أي إنّه بمكّة الحالَ .
(فَخَرَجَ) من المدينة (إِلى مَكَّةَ وَنَحْنُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ) أي في مكّة، والواو للحال .
(فَصَادَفَنَا) أي صادف الزنديق إيّانا (وَنَحْنُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام فِي الطَّوَافِ) . الواو للحال .
(وَكَانَ اسْمَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ ، وَكُنْيَتَهُ) . الواو للحال . ۲(أَبُو عَبْدِ اللّهِ ، فَضَرَبَ كَتِفَهُ) أي بكتفه .
(كَتِفَ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ) ليتكلّم عليه السلام معه، فيعرّفه اعتقادَه نفيَ الخالق، وعرف عليه السلام ذلك بدون تعريفه، فدرج عليه السلام في الكلام معه، وذكر له أنواعا ثلاثة من الكلام عليه :
النوع الأوّل: تنبيهه على أنّه منكر لما هو مركوز في عقل كلّ عاقلٍ ناظرٍ إذا خُلِّي وعقلَه؛ لكمال ظهور دلائله وكثرتها، وتسميته وتكنيته من أبويه مبنيّ على ذلك، كما في قول أمير المؤمنين عليه السلام : «وهو الذي تشهد له أعلام الوجود على إقرار قلب ذي الجحود» ۳ ولا يرد تسمية أبي طالب وعبد مناف بن قصيّ بعبد مناف، فإنّ منافا ليس مأخوذا فيه من اسم صنم، بل هو اسم لأخٍ لقُصيّ انتهت إليه رئاسة قريش بعد أخيه ،

1.احتذى مثاله : اقتدى به. القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۱۶ (هذا) .

2.في الحاشية «أ» : قوله : «الواو للحال» إنّما لم يجعلها عاطفة لأنّها لو كانت كذلك لوجب نصب «أبو عبد اللّه » لكونه حينئذٍ خبرا لكان (مهدي) .

3.نهج البلاغة ، ج ۱ ، ص ۹ ، الخطبة ۴۹ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
16

وعن أنّ استكشاف سرّ قدر اللّه تعالى ليس في مقدور البشر ، وعن أنّ من يجب معه معلوله بالوجوب السابق لا جود ۱ له في الإعطاء أيضا ، بل لا إيجاد له أصلاً كما بيّنّاه آنفا ؛ فزعمهم هذا فوق كلّ تعطيل .
ويدلّ على ما ذكرنا أنّ دلائل الكتاب والسنّة في هذا المقام ليس فيها شيء من هذه المناهج، والأخصريّةُ ونحوها لو سلّمت فإنّما ترجّح إذا كان المقصود بالاستدلالين واحدا، فليُذكَر بيان وجوب الوجود في باب بيان الصفات، فإنّه لازم بيّن لصانع العالم، فإنّه يجب أن يكون منزّها عن كلّ نقص ، والإمكان الذاتي رأس كلّ نقص .
إن قلت : لِمَ لا يصرّح في بعض دلائل هذا الباب بمصنوعيّة كلّ جزء من العالم، وإنّما يصرّح فيه بمصنوعيّة شيء من العالم للّه تعالى، كحركة الشمس والقمر، وكالموت والحياة وأمثال ذلك ممّا هو مذكور في الكتاب والسنّة ؟
قلت : لأنّه لا حاجة إلى التصريح؛ لظهور بطلان القول بأنّ بعض العالم مصنوع بالمعنى الذي ذكرنا، وبعضَه غير مصنوع ، ولذا لم يقل بالفرق أحد من الزنادقة ، وما صُرّح بمصنوعيّته من العالم في بعض الدلائل أمرٌ يكون المصنوعيّة فيه أظهرَ، فإنّما ذكر ليعلم مصنوعيّة الباقي بالاعتبار السهل التناول بعد فتح الباب .
الأوّل : (أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ) . هذه الفقرة من زيادة تلامذة المصنّف رحمه اللّه تعالى، كما مضى في أوّل كتاب العقل .
(حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَنْصُورٍ ، قَالَ : قَالَ لِي هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ : كَانَ بِمِصْرَ زِنْدِيقٌ) ؛ بكسر الزاي وسكون النون وكسر المهملة وسكون الخاتمة والقاف، معرّب «زن دين» ۲ أي مَنْ دينه كدين المرأة، أي سخيف . والمراد بالزنديق الدهري، أي القائل بأنّ الأجسام لا بَدْوَ لها، فليس لها خالق أي مخترع على سبيل الاختيار بلا مادّة سبقت، ولا

1.في «أ» : «لا وجود» .

2.القاموس المحيط، ج ۳، ص ۲۴۲؛ تاج العروس، ج ۱۳، ص ۲۰۱ (زنديق). وانظر فتح الباري، ج ۱۲، ص ۲۳۸.

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 81537
صفحه از 584
پرینت  ارسال به