من البصر بمعنى بصر العيون؛ أي حاسّة الرؤية التي في العيون، فإنّ البصائر جمع بصيرة بمعنى الحجّة أو الاستبصار، فليس مشتقّا من بصر العيون، كما في قوله: «فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِى الْأَبْصَارِ» 1 ، وفي الدعاء: «يا مقلّب القلوب والأبصار». 2 ( «فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ» ) تتمّة الآية.
(لَيْسَ يَعْنِي) بقوله: «أبصر» المأخوذ (مِنَ الْبَصَرِ بِعَيْنِهِ) أي البصر الذي هو بعينه، أي في عينه. أو المراد أنّه ليس من البصر المعيّن المخصوص وهو حاسّة الرؤية. ويحتمل أن يكون الأصل من «أبصر بعينه» فما في النسخ تصحيف.
( «وَمَنْ عَمِىَ فَعَلَيْها» ) 3 تتمّة الآية.
(لَيْسَ يَعْنِي عَمَى الْعُيُونِ) .
وقوله: (إِنَّمَا عَنى إِحَاطَةَ الْوَهْمِ) ، تأكيدٌ لقوله: ليس يعني بصر العيون.
(كَمَا يُقَالُ) . استشهادٌ له حين التأكيد.
(فُلَانٌ بَصِيرٌ بِالشِّعْرِ، وَفُلَانٌ بَصِيرٌ بِالْفِقْهِ، وَفُلَانٌ بَصِيرٌ بِالدَّرَاهِمِ، وَفُلَانٌ بَصِيرٌ بِالثِّيَابِ) . ومراد القائل مستبصر بها ببصر قلبه.
(اللّهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُرى بِالْعَيْنِ) . فالاقتصار على عدم إدراك بصر العين اكتفاء ببيان أمرٍظاهرٍ كأنّه لا حاجة إلى بيانه.
العاشر: (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ اللّهِ: هَلْ يُوصَفُ؟) أي هل يصفه العبد من عند نفسه بغير ما وصف تعالى به نفسه فيقول: إنّه جسم أو صورة؟
(فَقَالَ: أَ مَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلى ، قَالَ: أَ مَا تَقْرَأُ قَوْلَهُ تَعَالى: «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ