175
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

من البصر بمعنى بصر العيون؛ أي حاسّة الرؤية التي في العيون، فإنّ البصائر جمع بصيرة بمعنى الحجّة أو الاستبصار، فليس مشتقّا من بصر العيون، كما في قوله: «فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِى الْأَبْصَارِ» 1 ، وفي الدعاء: «يا مقلّب القلوب والأبصار». 2 ( «فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ» ) تتمّة الآية.
(لَيْسَ يَعْنِي) بقوله: «أبصر» المأخوذ (مِنَ الْبَصَرِ بِعَيْنِهِ) أي البصر الذي هو بعينه، أي في عينه. أو المراد أنّه ليس من البصر المعيّن المخصوص وهو حاسّة الرؤية. ويحتمل أن يكون الأصل من «أبصر بعينه» فما في النسخ تصحيف.
( «وَمَنْ عَمِىَ فَعَلَيْها» ) 3 تتمّة الآية.
(لَيْسَ يَعْنِي عَمَى الْعُيُونِ) .
وقوله: (إِنَّمَا عَنى إِحَاطَةَ الْوَهْمِ) ، تأكيدٌ لقوله: ليس يعني بصر العيون.
(كَمَا يُقَالُ) . استشهادٌ له حين التأكيد.
(فُلَانٌ بَصِيرٌ بِالشِّعْرِ، وَفُلَانٌ بَصِيرٌ بِالْفِقْهِ، وَفُلَانٌ بَصِيرٌ بِالدَّرَاهِمِ، وَفُلَانٌ بَصِيرٌ بِالثِّيَابِ) . ومراد القائل مستبصر بها ببصر قلبه.
(اللّهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُرى بِالْعَيْنِ) . فالاقتصار على عدم إدراك بصر العين اكتفاء ببيان أمرٍظاهرٍ كأنّه لا حاجة إلى بيانه.
العاشر: (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ اللّهِ: هَلْ يُوصَفُ؟) أي هل يصفه العبد من عند نفسه بغير ما وصف تعالى به نفسه فيقول: إنّه جسم أو صورة؟
(فَقَالَ: أَ مَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلى ، قَالَ: أَ مَا تَقْرَأُ قَوْلَهُ تَعَالى: «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ

1.الحشر (۵۹) : ۲ .

2.مصباح المتهجد ، ص ۱۳۲ و ۳۶۵ ؛ المصباح للكفعمي ، ص ۲۴۸ .

3.الأنعام (۶) : ۱۰۴ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
174

(مَا أَحَبَّ) أي ما شاء اللّه ، أو ما أحبَّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله . وهذا تكذيب لروايات المخالفين أنّه صلى الله عليه و آله رأى ۱ اللّه ببصره. ۲
وأمّا قوله (فِي قَوْلِهِ تَعَالى۳
:«لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ»۴)
فقيل: إنّه كلام مستأنف من محمّد بن يعقوب عنوانا للأحاديث التي بعده؛ أي الكلام في قوله: «لا تدركه» انتهى. ۵
والأظهر على هذا أن يقدّم عليه ما يرويه عن هشام بن الحكم.
ويحتمل أن يكون تتمّة كلام الرضا عليه السلام ويكون «في» بمعنى «مع» نحو: «فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِى زِينَتِهِ» . ۶
التاسع: (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ:«لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ»۷قَالَ: إِحَاطَةُ الْوَهْمِ) . يعني المراد بالأبصار ما يعمّ أبصار العيون وأبصار القلوب، وبالإدراك التخيّل والتمثّل عند القلوب بأن يجعل له حدّا كإدراكنا للبلاد البعيدة.
(أَ لَا تَرى إِلى قَوْلِهِ) . استشهادٌ بما بعد الآية في سورة الأنعام على أنّ البصر هنا غير حاسّة الرؤية التي في العين.
(«قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ»؟ لَيْسَ يَعْنِي) بقوله: «بصائر» (بَصَرَ الْعُيُونِ) أي ما أخذ

1.الأنعام (۶) : ۱۰۳ .

2.في «ج» : «أري» .

3.تفسير القرطبي ، ج ۷ ، ص ۵۶ .

4.فى النسختين: - «تعالى».

5.في حاشية «أ» : «القائل ميرزا محمّد رحمه الله (منه)» . وانظر الحاشية على اُصول الكافي لرفيع الدين النائيني ، ص ۳۳۴ .

6.القصص (۲۸) : ۷۹ .

7.في حاشية «أ» : تمام الآية في سورة الأنعام هكذا «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ * قَدْ جَآءَكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِىَ فَعَلَيْهَا وَمَآ أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 55570
صفحه از 584
پرینت  ارسال به