177
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(وَأَوْهَامُ الْقُلُوبِ لَا تُدْرِكُهُ، فَكَيْفَ أَبْصَارُ الْعُيُونِ؟!) . حمل أبو هاشم الأبصار في نحو قوله تعالى: «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ» على أبصار العيون، وتعجّب من عدم إدراك أبصار العيون له، فأجاب عليه السلام بما يرفع تعجّبه، ولم يتعرّض لكون المراد بالأبصار ما حمله عليه، أو أعمّ نقل كلام هشام بن الحكم.
(عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ) . ۱ الظاهر أنّ صدر كلام هشام إلى قوله: «ولا في حَيّزه» تمهيد لشرح مثل ما مضى في رابع الباب، وقوله: «وإدراك البصر» إلى قوله: «في إنفاذ بصره» شرح لمثل ما مضى في رابع الباب، ولعلّه سمع مثله من بعض الأئمّة الماضين، فإنّه لم يبلغ زمن أبي الحسن الثالث عليه السلام ، ولكن شرحه من عند نفسه بغير ما ذكرنا في شرحه. وقوله: «فأمّا القلب» إلى آخره لعلّه لتقوية التاسع والعاشر والحادي عشر من الباب.
(قَالَ: الْأَشْيَاءُ لَا تُدْرَكُ) أي إدراكا على وجه الجزئي الحقيقي والهذيّة، أو على ما يجري مجرى ذلك كتخيّل البلدان كما مرَّ آنفا.
(إِلَا بِأَمْرَيْنِ: بِالْحَوَاسِّ، وَالْقَلْبِ؛ وَالْحَوَاسُّ إِدْرَاكُهَا عَلى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ) أي أقسام:
(إِدْرَاكا) ؛ منصوب ب«أعني» المقدّرة.
(بِالْمُدَاخَلَةِ ، وَإِدْرَاكا بِالْمُمَاسَّةِ، وَإِدْرَاكا بِلَا مُدَاخَلَةٍ وَلَا مُمَاسَّةٍ. فَأَمَّا الْاءِدْرَاكُ الَّذِي بِالْمُدَاخَلَةِ، فَالْأَصْوَاتُ) تدخل في الصماخ وتُدرك.
(وَالْمَشَامُّ) ؛ جمع مشمومٍ تنفصل من الجسم ذي الرائحة أجزاء لطيفة فتدخل المنخر فتدرك.
(وَالطُّعُومُ) ؛ تنفصل من ذي الطعم أجزاء لطيفة، وتغوصُ في جرم اللسان مع الريق، فتدرك، أو يدخُل ذو الطعم نفسه في الفم.

1.جاء في الحاشية على اُصول الكافي لرفيع الدين النائيني ، ص ۳۳۶ ما نصّه : «لما أورد الأحاديث المرويّة عن أهل البيت عليهم السلام في نفي الإبصار بالعيون وأوهام القلوب ، ذيّل الباب بما نقل عن هشام بن الحكم الذي هو رأس أصحاب الصادق عليه السلام ورئيسهم في الكلام الذي إنّما يظنّ به أنّ كلامه مأخوذ عن أحاديث أهل البيت وأقوالهم عليهم السلام » .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
176

يُدْرِكُ الْأَبْصارَ» ؟ 1 قُلْتُ: بَلى، قَالَ: فَتَعْرِفُونَ الْأَبْصَارَ؟، قُلْتُ: بَلى، قَالَ: مَا هِيَ؟ قُلْتُ: أَبْصَارُ الْعُيُونِ) أي حواسّ الرؤية التي هي في العيون.
(فَقَالَ: إِنَّ أَوْهَامَ الْقُلُوبِ) أي أبصار القلوب. وإنّما سمّاها أوهاما لأنّ الإدراك لا يستعمل إلّا في التخيّل والتوهّم.
(أَكْبَرُ) ؛ بالموحّدة، أي أهمّ نفيا، أو أعمّ تعلّقا، كما يجيء في حادي عشر الباب.
(مِنْ أَبْصَارِ الْعُيُونِ، فَهُوَ) أي فاللّه ، أو فالمراد.
(لَا تُدْرِكُهُ الْأَوْهَامُ، وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَوْهَامَ) . مرّ شرحه في تاسع الباب.
الحادي عشر: (مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللّهِ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْقَاسِمِ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ) أي الثاني ( «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ» ؟ 2 ) . هو على سبيل الاستفهام التعجّبي، لا الإنكاري؛ أي ألا تدركه الأبصار؟
(فَقَالَ: يَا أَبَا هَاشِمٍ، أَوْهَامُ الْقُلُوبِ أَدَقُّ) أي ألطف وأسرع تعلّقا.
(مِنْ أَبْصَارِ الْعُيُونِ؛ أَنْتَ) . استئنافٌ بياني.
(قَدْ تُدْرِكُ بِوَهْمِكَ السِّنْدَ) ؛ بكسر السين: بلاد، أي تتصوّرها بحدودها ووضعها وقربها وبُعدها بالنسبة إلى مكانك وشكلها ونحو ذلك بالقياس إلى ما رأيته من البلاد.
(وَالْهِنْدَ) . هي أيضا بلاد.
(وَالْبُلْدَانَ) أي وسائر البلدان.
(الَّتِي) ؛ صفة البلدان.
(لَمْ تَدْخُلْهَا) . بصيغة المضارع المخاطب المعلوم من باب نصر.
(وَلَا تُدْرِكُهَا) . الواو للحال، أو للعطف على «تدرك» والضمير للبلدان.
(بِبَصَرِكَ) أي حين تدركها بوهمك.

1.الأنعام (۶) : ۱۰۳ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 55532
صفحه از 584
پرینت  ارسال به