(وَأَوْهَامُ الْقُلُوبِ لَا تُدْرِكُهُ، فَكَيْفَ أَبْصَارُ الْعُيُونِ؟!) . حمل أبو هاشم الأبصار في نحو قوله تعالى: «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ» على أبصار العيون، وتعجّب من عدم إدراك أبصار العيون له، فأجاب عليه السلام بما يرفع تعجّبه، ولم يتعرّض لكون المراد بالأبصار ما حمله عليه، أو أعمّ نقل كلام هشام بن الحكم.
(عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ) . ۱ الظاهر أنّ صدر كلام هشام إلى قوله: «ولا في حَيّزه» تمهيد لشرح مثل ما مضى في رابع الباب، وقوله: «وإدراك البصر» إلى قوله: «في إنفاذ بصره» شرح لمثل ما مضى في رابع الباب، ولعلّه سمع مثله من بعض الأئمّة الماضين، فإنّه لم يبلغ زمن أبي الحسن الثالث عليه السلام ، ولكن شرحه من عند نفسه بغير ما ذكرنا في شرحه. وقوله: «فأمّا القلب» إلى آخره لعلّه لتقوية التاسع والعاشر والحادي عشر من الباب.
(قَالَ: الْأَشْيَاءُ لَا تُدْرَكُ) أي إدراكا على وجه الجزئي الحقيقي والهذيّة، أو على ما يجري مجرى ذلك كتخيّل البلدان كما مرَّ آنفا.
(إِلَا بِأَمْرَيْنِ: بِالْحَوَاسِّ، وَالْقَلْبِ؛ وَالْحَوَاسُّ إِدْرَاكُهَا عَلى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ) أي أقسام:
(إِدْرَاكا) ؛ منصوب ب«أعني» المقدّرة.
(بِالْمُدَاخَلَةِ ، وَإِدْرَاكا بِالْمُمَاسَّةِ، وَإِدْرَاكا بِلَا مُدَاخَلَةٍ وَلَا مُمَاسَّةٍ. فَأَمَّا الْاءِدْرَاكُ الَّذِي بِالْمُدَاخَلَةِ، فَالْأَصْوَاتُ) تدخل في الصماخ وتُدرك.
(وَالْمَشَامُّ) ؛ جمع مشمومٍ تنفصل من الجسم ذي الرائحة أجزاء لطيفة فتدخل المنخر فتدرك.
(وَالطُّعُومُ) ؛ تنفصل من ذي الطعم أجزاء لطيفة، وتغوصُ في جرم اللسان مع الريق، فتدرك، أو يدخُل ذو الطعم نفسه في الفم.