179
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

آخره، لكن ينتقض بصورة توسّط الجسم الكثيف بين المحمول والمحمول عليه.
(فَحَكى) أي رأى البصر، وسمّاه حكاية لأنّه بواسطة.
(مَا وَرَاءَهُ ) أي ما وراء البصر بمعنى شعاع البصر. و«ما وراءه» : ما يلاقيه في رجوعه وإن كان متوسّطا بين الناظر والمحمول عليه.
(كَالنَّاظِرِ فِي الْمِرْآةِ) .
وقوله: (لَا يَنْفُذُ بَصَرُهُ فِي الْمِرْآةِ) . استئنافٌ بياني.
(فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ، رَجَعَ رَاجِعا) . حالٌ باعتبار أنّ المراد نوعا 1
من الراجع، فإنّ الرجوعات متفاوتة بحسب تفاوت المَرائي والصفاء والجلاء، فكذلك الراجعات.
(يَحْكِي مَا وَرَاءَهُ ، وَكَذلِكَ النَّاظِرُ فِي الْمَاءِ الصَّافِي ) الذي لا يُرى تحتُه.
(يَرْجِعُ) أي يرجع شعاع بصره (رَاجِعا فَيَحْكِي مَا وَرَاءَهُ؛ إِذْ لَا سَبِيلَ لَهُ فِي إِنْفَاذِ بَصَرِهِ) .
لا يخفى أنّه إذا كان مراد هشام إقامة البرهان على عدم إمكان رؤية اللّه تعالى، لم يكد يتمّ؛ لأنّ ما ذكره على طبق العادة في رؤيتنا، والقائلون بإمكان رؤيته تعالى لا يقولون إنّه على طبق العادة.
(فَأَمَّا الْقَلْبُ فَإِنَّمَا سُلْطَانُهُ) أي سلطنته بالإدراك على الوجه 2 الجزئي، أو ما يجري مجراه من التخيّل.
(عَلَى الْهَوَاءِ) أي على ما في الهواء. والمراد بالهواء الفضاء مطلقا؛ أي البُعد الذي فيه الأجسام.
(فَهُوَ يُدْرِكُ جَمِيعَ مَا فِي الْهَوَاءِ وَيَتَوَهَّمُهُ، فَإِذَا حُمِلَ) ؛ بصيغة المجهول.
(الْقَلْبُ عَلى مَا لَيْسَ) أي على إدراك ما ليس (فِي الْهَوَاءِ مَوْجُودا، رَجَعَ رَاجِعا فَحَكى مَا فِي الْهَوَاءِ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَحْمِلَ قَلْبَهُ عَلى) إدراكِ (مَا لَيْسَ مَوْجُودا فِي الْهَوَاءِ مِنْ

1.كذا في النسخ .

2.في «ج» : «وجه» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
178

(وَأَمَّا الْاءِدْرَاكُ بِالْمُمَاسَّةِ، فَمَعْرِفَةُ الْأَشْكَالِ مِنَ التَّرْبِيعِ وَالتَّثْلِيثِ، وَمَعْرِفَةُ اللَّيِّنِ) ؛ بالكسر مصدر باب ضرب.
(وَالْخُشْنِ۱) ؛ بضمّ الخاء وسكون الشين المعجمتين، مصدر باب حسن كالخشنة بالضمّ والخشونة.
(وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ. وَأَمَّا الْاءِدْرَاكُ بِلَا مُمَاسَّةٍ وَلَا مُدَاخَلَةٍ، فَالْبَصَرُ) أي فإدراك البصر (فَإِنَّهُ) أي البصر (يُدْرِكُ الْأَشْيَاءَ بِلَا مُمَاسَّةٍ وَلَا مُدَاخَلَةٍ فِي حَيِّزِ غَيْرِهِ) ؛ بأن يصير شيء من البصر في حيّز المرئيّ.
(وَلَا فِي حَيِّزِهِ) أي حيّز البصر، بأن يدخل شيء من المرئيّ في حيّز البصر.
(وَإِدْرَاكُ الْبَصَرِ لَهُ سَبِيلٌ) أي ما يمكن حركة شعاع البصر فيه.
(وَسَبَبٌ) أي ما يتوصّل به إلى الرؤية.
(فَسَبِيلُهُ الْهَوَاءُ ) أي الفضاء الخالي، يُقال لكلّ خال: هواء؛ شُبّه المكان ـ الذي فيه جسم شفّاف غير مرئيّ ـ بالخالي.
(وَسَبَبُهُ الضِّيَاءُ، فَإِذَا كَانَ السَّبِيلُ مُتَّصِلاً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرْئِيِّ) أي لم يكن بينهما جسم كثيف أصلاً.
(وَالسَّبَبُ قَائِمٌ) أي موجود، وهي جملة حاليّة.
(أَدْرَكَ مَا يُلَاقِي) أي ما يلاقيه شعاعه.
(مِنَ الْأَلْوَانِ وَالْأَشْخَاصِ) أي الأجسام الكثيفة.
(فَإِذَا حُمِلَ الْبَصَرُ عَلى مَا لَا سَبِيلَ لَهُ فِيهِ، رَجَعَ رَاجِعا ) . يُقال: حملت زيدا على كذا: إذا كلّفته به. والمعنى: على رؤية ما لا سبيل له فيه؛ أي ما ليس فيه مسامٌّ وفُرَجٌ صغيرة جدّا يدخل فيها شعاع البصر في الجملة، ف«ما» عبارة عن المرآة ونحوها، ولو كان بدل «فيه» «إليه» كان «ما» عبارةً عن باطن المرآة، وكان أوفق لقوله: «فإذا حمل القلب» إلى

1.في الكافي المطبوع : «الخَشِن» بفتح الخاء وكسر الشين .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 55511
صفحه از 584
پرینت  ارسال به