19
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(فَقَالَ۱أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ) للإشارة إلى النوع الأوّل : (مَا اسْمُكَ ؟ فَقَالَ : اسْمِي عَبْدُ الْمَلِكِ ، قَالَ : وَ مَا۲كُنْيَتُكَ ؟ قَالَ : كُنْيَتِي أَبُو عَبْدِ اللّهِ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : فَمَنْ هذَا الْمَلِكُ الَّذِي أَنْتَ عَبْدُهُ؟) يدلّ على أنّ اللام في «الملك» للعهد لا للجنس .
(أَمِنْ مُلُوكِ الْأَرْضِ ) . الاستفهام هنا إنكاري ؛ أي أمن الملوك الساكنين في الأرض .
(أَمْ مِنْ مُلُوكِ السَّمَاءِ؟) . «أم» منقطعة بمعنى بل والهمزة؛ ففيه استفهام آخر إنكاري ؛ أي بل أ من الملوك الساكنين في السماء، وهذا على سبيل عدّ الأقسام الغير المحتملة عند المخاطب أيضا .
(وَأَخْبِرْنِي عَنِ ابْنِكَ) الذي قدّره أبواك أقدّراه أنّه على تقدير وجوده .
(عَبْدُ إِلهِ السَّمَاءِ) أي مستحقّ للعبادة ساكن في السماء .
(أَمْ عَبْدُ إِلهِ الْأَرْضِ؟) أي مستحقّ للعبادة ساكن في الأرض .
(قُلْ مَا شِئْتَ) ؛ أي اختر ما شئت من الشقّين في كلّ سؤال .
(تُخْصَمْ) . مجزوم، وهو على لفظ المجهول من باب ضرب، وهو شاذّ في المغالَبة، والقياسُ ردّه إلى باب نصر ، يُقال : خاصمته أي جادلته، فخصمته أخصمه بالكسر، أي غلبت عليه في الجدل . ۳
والمعنى تَصِرْ مغلوبا مُلزَما؛ لظهور بطلان كلّ من الشقّين، فيثبت المطلوب، وهو أنّ نفسه عبد ملك مَن في السماء والأرض، وابنَه عبد إله مَن في السماء والأرض .
وقيل : أي تَخصِم نفسك، ۴ كما سيجيء في حديث العالم الشامي ؛ انتهى . يعني ما في رابع أوّل «كتاب الحجّة» . ۵

1.في الكافي المطبوع : + «له» .

2.في المطبوع : «فما» .

3.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۹۱۲ (خصم) .

4.في حاشية «أ» : القائل مولى محمّد أمين الإسترآبادي رحمه الله (منه سلمه اللّه ) . وحكاه المازندراني في شرح اُصول الكافي ، ج ۳ ، ص ۷ بصورة احتمال واستبعده .

5.أي الحديث ۴ من باب الاضطرار إلى الحجّة .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
18

وأنّ عبدا ليس بمعنى عابد، وقد يُقال: إنّ اسم عبد مناف بن قصيّ كان منافا، فغيّره بعض الناس لمصلحة ، قال الفرزدق :

ورثتم قناة۱الملك غير كلالة۲عن ابني مناف۳: عبد شمس وهاشم۴
وإنّما احتيج إلى هذا النوع لئلّا يلزم بطلان قاعدة من قواعد الإسلام .
بيان ذلك: أنّ من قواعد الإسلام أنّ الاختلاف بين الناس ـ أي اختلافا حقيقيّا مستقرّا ـ لا يمكن رفعه إلّا برسول وكتاب من اللّه تعالى، فيتوهّم الخصم ويقول: إنّ بيننا وبينكم هنا اختلافا حقيقيّا بعد نظر كلٍّ منّا ومنكم، وليس في شيء من دلائلكم على وجود الصانع تمسّك بقول رسول، ولا بكتاب من اللّه ، إمّا لاستلزامه الدور حقيقة، وذلك إذا توقّف العلم بالرسول والكتاب على العلم بوجود الصانع حقيقة ، وإمّا لإيهامه الدور ظاهرا، وذلك إذا توقّف ظاهرا لا حقيقةً.
فيجب أن يُجاب الخصم بأنّ الاختلاف هنا بيننا وبينكم ليس حقيقيّا مستقرّا، ونظيره قوله تعالى في سورة آل عمران : «إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّهِ الْاءِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْيا بَيْنَهُمْ»۵ ، فإنّه لمّا كان الإسلام ردَّ المختلف فيه اختلافا حقيقيّا مستقرّا إلى محكمات كتاب اللّه ، احتيج إلى قوله : «وَمَا اخْتَلَفَ» إلى آخره ، لدفع الاحتياج في رفع الاختلاف في مدلول محكمات الكتاب الناهية عن اتّباع الظنّ بالاجتهاد إلى محكمات اُخرى، وكتابٍ آخَرَ؛ لئلّا يلزم الدور أو التسلسل .

1.القناة: الرمح .

2.في حاشية «أ» : الكلالة من لا ولد له ولا والد، و ما لم يكن من النسب لحا ، أو من تكلل نسبه بنسبك كابن العمّ وشبهه ، أو الإخوة للاُمّ ، أو بنو العمّ الأباعد ، أو ما خلا الوالد والولد ، أو في من العصبة من ورث معه الإخوة للاُمّ . القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۴۶ (كل) .

3.في حاشية «أ» : عبد مناف أبو هشام و عبد شمس ، والنسبة إليه منافي .

4.أحكام القرآن للجصّاص ، ج ۲ ، ص ۱۱۳ ؛ تفسير الثعلبي ، ج ۳ ، ص ۲۷۰ ؛ مفردات غريب القرآن للراغب ، ص ۴۳۸ ؛ الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۸۱۱ (كلك) .

5.آل عمران (۳) : ۱۹ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 72413
صفحه از 584
پرینت  ارسال به