(فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : «وَيْلَهُ، 1 أَمَا عَلِمَ أَنَّ الْجِسْمَ مَحْدُودٌ مُتَنَاهٍ) . الحدّ: المنع. ومنتهى الشيء، والتناهي: البلوغ إلى منتهى؛ يعني لكلّ جسم مقدار خاصّ ليس مقداره لازما لذاته عقلاً، فهو محدود؛ أي ممنوع عن الزيادة لم يتجاوز عن حدّه. و«متناه» أي بالغ حدّه لم يتقاصر عن حدّه مع إمكان التجاوز والتقاصر فيه بالنسبة إلى ذاته.
أمّا أنّ لكلّ جسم مقدارا خاصّا، فلبراهين تناهي الأبعاد.
وأمّا أنّه ليس مقداره لازما لذاته عقلاً، فلأنّ كلّ جسم إمّا مفرد وإمّا مركّب من المفردات، والجسم المفرد إمّا مركّب من أجزاء لا تتجزّى، وإمّا متّصل واحد قابل للقسمة الوهميّة لا إلى نهاية. والأوّل باطل لأدلّة إبطال الجزء الذي لا يتجزّى، والثاني ليس مقداره لازما لذاته عقلاً؛ لأنّ نصفه الوهمي مثلاً إذا حصل في الوهم يحمل عليه تمام مهيّة الكلّ، ولا يحمل عليه مقدار الكلّ، ولا الوجود الخارجي، ولا التشخّص الخارجي.
إن قلت: عدم لزوم المقدار لا يدلّ على كلّ من المحدوديّة والتناهي بل على أحدهما.
قلت: أحدهما كافٍ في المدّعى هنا، وإنّما ارتكب الزيادة في الدعوى للإشارة إلى أنّ كلّاً منهما يستلزم الآخر؛ لتشابه المقادير في تمام المهيّة 2 ضرورةً.
(وَالصُّورَةَ مَحْدُودَةٌ مُتَنَاهِيَةٌ؟) . زيادة هذا للإشارة إلى ردّ قول هشام الجواليقي أيضا.
(فَإِذَا احْتَمَلَ الْحَدَّ، احْتَمَلَ) . الفاء للتفريع، والضميران للّه تعالى.
(الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ) . احتمال الحدّ إنّما يستلزم احتمال الزيادة أوّلاً، واحتمال النقصان ثانيا، بناءً على أنّ كلّاً منهما يستلزم الآخر كما مرّ آنفاً.
والمراد بالزيادة التخلخل الحقيقي، وبالنقصان التكاثف الحقيقي، فلا يتغيّر معهما التشخّص. أو المراد بهما ما يعمّهما وما يتغيّر معه التشخّص.