21
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(قَالَ : لَا أَدْرِي ، إِلَا أَنِّي أَظُنُّ) أي بأصالة العدم (أَنْ لَيْسَ تَحْتَهَا شَيْءٌ) . هذا رمز منه إلى ظنّه أن ليس للعالم صانع .
(فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : فَالظَّنُّ) . الفاء للتفريع، واللام للعهد الخارجي ، والمراد الظنّ الذي هو في المنظور .
(عَجْزٌ) ؛ بفتح المهملة وسكون الجيم والزاي خبر المبتدأ .
(لِمَا لَا تَسْتَيْقِنُ) . اللام للتعليل، والظرف صفة «عجز» و«ما» مصدريّة، و«تستيقن» بصيغة الخطاب للمعلوم، والاستيقان طلب اليقين . والمقصود أنّه على ما ذكرت من الجواب ظهر أنّ ظنّك عجز ناش عن تركك طلب اليقين، ولو طلبت اليقين لوجدته سريعا .
(ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : أَفَصَعِدْتَ السَّمَاءَ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : فَتَدْرِي)۱ بالتفكّر والتحرّي والاستنباط . (مَا فِيهَا ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : عَجَبا لَكَ!) . «عجبا» بفتحتين بتقدير حرف النداء، أو مصدر فعل محذوف ؛ أي عجبت عجبا لك .
(لَمْ تَبْلُغِ الْمَشْرِقَ ، وَلَمْ تَبْلُغِ الْمَغْرِبَ) . ظاهره أنّه عليه السلام سأله في صدر الكلام عن بلوغه المشرق والمغرب أيضا، وأجاب، وسأله: هل تدري ما فيهما؟ وأجاب بلا أدري ، لكنّه أسقط الراوي . ويحتمل أن يكون ـ بناءً على المعلوم من حاله ـ بدون سؤال . وفي كتاب الاحتجاج هكذا: قال : «فأتيت المشرق والمغرب، فنظرت ما خلفهما ؟» قال : لا ، قال : «عجبا لك» إلى آخره . ۲(وَلَمْ تَنْزِلِ الْأَرْضَ ، وَلَمْ تَصْعَدِ السَّمَاءَ ، وَلَمْ تَجُزْ هُنَاكَ) . «لم تجز» بضمّ الجيم وسكون الزاي بصيغة المخاطب، و«هناك» منصوب محلّاً ومفعول به وعبارة عمّا كان الزنديق فيه من الظنّ .
ويحتمل أن يكون «لم تحرّ» بالمهملتين بصيغة المضارع المخاطب المعلوم المعتلّ اللام اليائي من باب التفعّل بحذف إحدى التاءين، والتحرّي قصد الأحْرى

1.في الكافي المطبوع : «أفتدري» .

2.الاحتجاج ، ج ۲ ، ص ۷۲ ، احتجاجه عليه السلام على الزنديق المصري . وفيه : «فالعجب لك» بدل «عجبا لك» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
20

(قَالَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ) . هذا من كلام عليّ بن منصور . ۱(فَقُلْتُ لِلزِّنْدِيقِ) لمّا بقي متحيّرا متأمّلاً : (أَمَا تَرُدُّ) ؛ بتشديد الدال، ومفعوله محذوف ؛ أي الجوابَ (عَلَيْهِ؟) .
(قَالَ) أي هشام، وهو أيضا من كلام عليّ بن منصور تكرارا للأوّل .
(فَقَبَّحَ قَوْلِي) ؛ بصيغة الماضي المعلوم من باب التفعيل، أي نسب قولي إلى القبح، وهذا لأنّه لا ينبغي التعجيل على طالب الحقّ، المتأمّلِ لتحرّي الصواب في الجواب .
(فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ) أي للزنديق إمهالاً له في التفكّر وتحرّي الحقّ . ۲(إِذَا فَرَغْتُ) ؛ بصيغة المتكلّم . (مِنَ الطَّوَافِ ، فَأْتِنَا . فَلَمَّا فَرَغَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام أَتَاهُ الزِّنْدِيقُ ، فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام وَنَحْنُ مُجْتَمِعُونَ عِنْدَهُ) .
النوع الثاني: تنبيهه ۳ على أنّه لا يجوز له أن يكون في حدّ الإنكار للصانع وجحده؛ لأنّ غاية ما يقتضي حاله أن يكون منكرا لحدوث العالم وفنائه؛ لأنّه لم ير الحدوث ولا الفناء، وذلك لأنّه لم يثبت دليل يقتضي أنّه لا صانع للعالم، وإنّما ذكر عليه السلام ذلك أوّلاً قبل الدليل على وجود الصانع؛ لأنّ الخلوّ عن الضدّ قبل الشروع في الاستدلال شرط في حصول العلم، أو معين فيه جدّا، ورمز عليه السلام إلى ذلك في ضمن نظيره لئلّا يقع التصريح من الزنديق في محضر جمع بنفي الصانع، فيشوّش بعضهم المجلس، وينقطع الكلام والاحتجاج .
(فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام لِلزِّنْدِيقِ) للإشارة إلى النوع الثاني :
(أَتَعْلَمُ أَنَّ لِلْأَرْضِ تَحْتا وَفَوْقا ؟) . المراد بالتحت هنا اللغوي، وهو الطرف المقابل لما هو الفوق عندنا .
(قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَدَخَلْتَ تَحْتَهَا ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : فَمَا يُدْرِيكَ) . ما استفهاميّة، أي أيّ فكر واستنباط يُعلمُكَ (مَا تَحْتَهَا ؟) . ما استفهاميّة، أي ما الذي تحتها؛ أو موصولة، أي ما هو تحتها .

1.أي راوي الحديث .

2.تحرّاه : تعمّده وطلب ما هو أحرى بالاستعمال ؛ وبالمكان : تمكّث . القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۱۶ (الحروة) .

3.في «أ» : «تنبيه» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 72341
صفحه از 584
پرینت  ارسال به