211
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

قولكم: إنّ الإرادة والمريد شيءٌ واحد». ۱(قَالَ: قُلْتُ: فَلَمْ يَزَلِ اللّهُ مُتَكَلِّما؟) . توهّم من أزليّة العلم ونحوه أزليّةَ التكلّم، قياسا على العلم ونحوه.
(قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ الْكَلَامَ صِفَةٌ مُحْدَثَةٌ لَيْسَتْ بِأَزَلِيَّةٍ، كَانَ اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَلَا مُتَكَلِّمَ) ؛ بكسر اللام أو فتحها، بمعنى المتكلّم به أو المصدر.
ولم يقل: إنّ التكلّم صفة محدثة إشارةً إلى أنّ المتكلّم قد يُطلق على القادر على الكلام، وقد يُطلق على العالم بمعاني الكلام، ولا نزاع لنا في أزليّتهما، لكنّهما داخلان في صفة القدرة والعلم، وما نحن فيه التكلّم بمعنى إحداث الكلام ليصير صفة اُخرى، والكلام صفة حادثة؛ فالتكلّم المساوق له حادث البتّة.
الثاني: (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: كَانَ اللّهُ وَلَا شَيْءَ غَيْرُهُ) ، أي لا شيء موجود في الخارج في نفسه غيره.
(وَلَمْ يَزَلْ عَالِما بِمَا يَكُونُ؛ فَعِلْمُهُ بِهِ) أي بما يكون (قَبْلَ كَوْنِهِ كَعِلْمِهِ بِهِ بَعْدَ كَوْنِهِ) أي ليس بينهما تفاوت بالزيادة والنقصان، ولا بالإجمال والتفصيل. والإشارات فيه كما في أوّل الباب.
الثالث: (مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى، عَنِ الْكَاهِلِيِّ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلى أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام : فِي دُعَاءٍ: الْحَمْدُ لِلّهِ مُنْتَهى عِلْمِهِ؟) أي حمدا ينتهي منتهى علمه.
(فَكَتَبَ إِلَيَّ: لَا تَقُولَنَّ مُنْتَهى عِلْمِهِ؛ فَلَيْسَ لِعِلْمِهِ مُنْتَهىً، وَلكِنْ قُلْ: مُنْتَهى رِضَاهُ) . علومه تعالى غير متناهية؛ لعدم تناهي المفهومات، ولا يبطله برهان التطبيق ونحوه، فإنّها إنّما تبطل «لا تناهي» ما له مجموع، وهو الموجود في نفسه في الخارج، فلا يبطل

1.التوحيد ، ص ۴۴۶ ، باب مع سليمان المروزي ، ح ۱ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
210

المعلومين، وكذا العلم بأنّ الشيء وجد قبل ذلك غير العلم بوجوده حين وجد، ويزول الثاني بالأوّل، فالعلم بالشيء بأنّه سيقع بعد عشر سنين غير العلم بأنّه سيقع بعد خمس سنين مثلاً، ويلزم من ذلك أن يكون اللّه تعالى منتقلاً أزلاً وأبدا من علمٍ إلى آخر، وقس على ذلك الانتقالَ من سمعٍ إلى سمع، ومن بصرٍ إلى بصر، ومن قدرةٍ إلى قدرة. ويمكن أن يكون توهّم السائل مخصوصا بالعلم، فإنّ هذا التوهّم في غيره بعيد جدّا.
(قَالَ: فَقَالَ: تَعَالَى اللّهُ۱) . حاصله أنّ العلم بأنّ الشيء سيقع عين ۲ العلم بوقوعه حين يقع، وكذا السمع والبصر والقدرة. والدليل عليه أنّ زوال علم لا يمكن إلّا بالجهل بما علمه بذلك العلم، واللّه يتعالى عن ذلك، وكذا زوال سمع وبصر وقدرة إنّما يكون بصمّ وعمى وعجز تقابلها، وأمّا الانتقال في حصص العلم ـ مثلاً ـ المختلفةِ باختلاف أمرٍ خارجٌ عن العلم والمعلوم، كالأزمنة الغير المتناهية، فهذا غير متنازع فيه.
(إِنَّ الْحَرَكَةَ) أي انتقال اللّه من صفة إلى صفة (صِفَةٌ) ؛ بالتنوين.
(مُحْدَثَةٌ) ؛ بصيغة اسم المفعول من باب الإفعال، مرفوعٌ نعت «صفة».
(بِالْفَعْلِ۳) . بفتح الفاء وسكون المهملة مصدر باب منع؛ أي بالتأثير. وهذا إشارة إلى أنّه يمتنع أن يكون القديم موجودا بتأثير مؤثّر ضرورةً، فالزنادقة والأشاعرة القائلون بتعدّد القدماء مكابرون لمقتضى عقولهم لشُبه واهية، ومعارضات وهميّة. وإلى هذا اُشير فيما رواه ابن بابويه في توحيده في باب مجلس الرِّضا عليه السلام مع سليمان المروزي إلى آخره، حيث قال: ثمّ قال الرضا عليه السلام : «يا سليمان، أسألك مسألة» قال: سَلْ جعلت فداك، قال: «أخبرني عنك وعن أصحابك يكلِّمون ۴ الناس بما يفقهون ويعرفون، أو بما لا يفقهون ولا يعرفون؟» قال: بل بما يفقهون ويعلمون، قال الرضا عليه السلام : «فالذي يعلم الناس أنّ المريد غير الإرادة، وأنّ المريد قبل الإرادة، وأنّ الفاعل قبل المفعول، وهذا يبطل

1.في الكافي المطبوع : + «عن ذلك» .

2.في «ج» : «حين» .

3.في الكافي المطبوع : «بالفِعل» بكسر الفاء .

4.في المصدر : «تكلّمون» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 55591
صفحه از 584
پرینت  ارسال به