لم يتعرّض لدفع الشُّبه المشهورة إشارةً إلى أنّها واهية جدّا، إذ هي مبنيّة على قواعد الفلاسفة التي هي أوهن من بيت العنكبوت، منضمّةٌ إلى معلوم هو أنّ العلم بلا شيء محضٍ محالٌ.
ولقد ذكرنا الشّبه وأجبنا عنها في الحاشية الاُولى من حواشينا على عدّة الاُصول.
الخامس: (عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى الرَّجُلِ) ؛ هو أبو الحسن الثالث عليه السلام (أَسْأَلُهُ أَنَّ مَوَالِيَكَ اخْتَلَفُوا فِي الْعِلْمِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يَزَلِ اللّهُ عَالِما قَبْلَ فَعْلِ۱) ؛ بفتح الفاء، وسكون المهملة.
(الْأَشْيَاءِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نَقُولُ: لَمْ يَزَلِ اللّهُ عَالِما؛ لِأَنَّ مَعْنى «يَعْلَمُ» «يَفْعَلُ») . «معنى» مضاف إلى «يَعلم» و«يفعل» بصيغة المضارع الغائب. فالمراد بالمعنى ما يرجع إليه الشيء ولازمه، فالمراد بالمعنى المفهوم؛ لما علم هذا البعض أنّ العلم بلا شيء محضٍ محالٌ. وتوهُّمُ أنّ المشيّة المطلقة يساوق الوجود توهُّمُ أنّ علمه تعالى بغيره لا يمكن إلّا مع وجود ذلك الغير في نفسه، وكلّ وجود الغير بفعلهِ تعالى.
(فَإِنْ) . الفاء لبيان الدلالة، أو للتفريع على الدليل.
(أَثْبَتْنَا الْعِلْمَ) أي في الأزل (فَقَدْ أَثْبَتْنَا فِي الْأَزَلِ مَعَهُ شَيْئا) أي موجودا في نفسه بدون أن يكون فعله تعالى، إن جعل الفاء في «فإن» للبيان؛ أو بأن يكون فعلَه تعالى إن جُعِلت للتفريع.
(فَإِنْ رَأَيْتَ ـ جَعَلَنِيَ اللّهُ فِدَاكَ ـ أَنْ تُعَلِّمَنِي مِنْ ذلِكَ مَا أَقِفُ عَلَيْهِ وَلَا أَجُوزُهُ.) . جزاؤه محذوف، أي تطوّلت.
(فَكَتَبَ بِخَطِّهِ عليه السلام : لَمْ يَزَلِ اللّهُ عَالِما تَبَارَكَ وَتَعَالى ذِكْرُهُ) .
لم يتعرّض لدفع الشُّبهة إشارةً إلى قبح الخوض في أمثال ذلك؛ لقيام البرهان العقلي والنقلي على علمه تعالى بكلّ شيء، والشبهة لا تفيد الجزم أصلاً، وإنّما تفيد معارضة