227
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

وهذا الاحتمال ألصق بما روى ابن بابويه في كتاب التوحيد في «باب المشيئة والإرادة» قال: قال أبو عبداللّه عليه السلام : «خلق اللّه المشيئة قبل الأشياء، ثمّ خلق الأشياء بالمشيئة». ۱
إن قلت: كيف يتعلّق الخلق بالمشيئة والخلق أيضا من صفات الفعل؟
قلت: فيه مسامحة، والمراد تعلّقه بما شاء. ويمكن أن يكون المراد بالمشيئة مصداقَ المشيئة، وهو الماء الذي خلق أوّلاً، وكان مادّة سائر الأشياء، كما يجيء في «كتاب الحجّة» في ثاني «باب نادر فيه ذكر الغيب». ۲
الخامس: (عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى، عَنِ الْمَشْرِقِيِّ) ؛ بفتح الميم، وسكون المعجمة، وكسر المهملة والقاف.
(حَمْزَةَ بْنِ الْمُرْتَفِعِ) ؛ بكسر الفاء.
(عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسِ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ) . هو من رؤساء المعتزلة، ۳ ويجيء خبث عقيدته في «كتاب الجهاد» في «باب دخول عمرو بن عبيد والمعتزلة على أبي عبداللّه عليه السلام ». ۴(فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَوْلُ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى) في سورة طه: («وَ مَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِى فَقَدْ هَوى»۵مَا ذلِكَ الْغَضَبُ؟ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام : هُوَ الْعِقَابُ) أي لا الكيفيّة الموجودة في الخارج في نفسها تعتري الإنسان، وتسمّى بالطيش والنزق والخفّة ونحو ذلك.
(يَا عَمْرُو؛ إِنَّهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللّهَ قَدْ زَالَ مِنْ شَيْءٍ) أي من صفة موجودة في الخارج في نفسها هي الرحمة.

1.التوحيد ، ص ۳۳۹ ، باب المشيئة والإرادة ، ح ۸ .

2.الكافي ، ج ۱ ، ص ۲۵۶ ، باب نادر فيه ذكر الغيب ، ح ۲ .

3.ذكره ابن حبان في المجروحين ، ج ۲ ،ص ۶۹ وقال : «اعتزل مجلس الحسن ومعه جماعة فسمّوا المعتزلة ، وكان يشتم أصحاب محمّد صلى الله عليه و آله ويكذب في الحديث» .

4.الكافي ، ج ۵ ، ص ۲۳ ، باب دخول عمرو بن عبيد والمعتزلة على أبي عبد اللّه عليه السلام .

5.طه (۲۰) : ۸۱ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
226

وقد بيّن ذلك بحيث يندفع به إشكال يورد في المشهور على حدوث الإحداث، وهو أنّه لو كان كذلك، لكان أيضا ممكنا حادثا محتاجا إلى إحداث آخر وهكذا، ويلزم التسلسل.
وحاصل الدفع: أنّ إحداث الإحداث بنفس ذلك الإحداث لا بإحداثٍ آخَرَ، وسرّه أنّ الصادر عن الفاعل حقيقةً هو المعلول، وليس الإحداث صادرا عنه حقيقةً، بل هو نفس المعلول لكن لا حقيقة، بل بمعنى أنّ مصداقه نفس المعلول، أي هو منتزع عن الفاعل في مرتبة صدور المعلول عنه تبعا للداعي، فإحداث المعلول حقيقةً منسوب إليه بالعرض.
وهذا الإشكال قويّ على أبي الحسين وأتباعه الذين تبعوا الفلاسفة في أنّ الإيجاد مقدّم بالذات على المعلول، فإنّ الإحداث إذا استقلّ بمرتبة على حدة، استحال تحقّقها بدون إحداثٍ آخَرَ يتعلّق به على حدة.
فجوابهم عن الإشكال بأنّ التأثير أمرٌ اعتباري لا حاجة له إلى تأثير، إنّما يتمّ على ما بيّنّاه لا على مذهبهم.
والباء هنا مثلها في قولهم: ماهيّة الشيء ما به الشيء هو هو.
ولفظة «ثمّ» للتعجّب باعتبار أنّ كون إيجادٍ واحدٍ منسوبا إلى حادثين باعتبارين: أحدهما نفسه، والآخر غيره، عجيبٌ.
واعلم أنّه يحتمل أن يكون المراد بالحديث دفع إشكال آخر هو للمعتزلة في قولنا: ما شاء اللّه كان، وما لم يشأ لم يكن، فإنّهم يقولون: يستحيل أن يشاء اللّه قبيحا.
وحاصل الدفع: أنّ خلقه تعالى متعلّق بكلّ واقع من الأفعال والتروك، لكنّه على قسمين:
الأوّل: خلقه لأفعال نفسه أو تروكه تعالى، وهو بمشيئة متعلّقة بها أوّلاً وبالذات.
الثاني: خلقه لأفعال العباد أو تروكهم، وهو بمشيئة متعلّقة بها ثانيا وبالعرض؛ فمعنى مشيئة اللّه لمعاصي العباد أنّه خلق أشياءً بمشيئة لها أوّلاً وبالذات، وعلم أنّها يفضي إلى اختيار العباد المعاصي، فهذه المشيئة بعينها تنسب إلى المعاصي بالعرض؛ لا أنّ له تعالى مشيئةً على حدة منسوبةً على حدة إلى المعاصي.

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 55509
صفحه از 584
پرینت  ارسال به