ولا يجوز الإتيان بالضمير المنفصل مع إمكان الضمير المتّصل .
ويحتمل أن يكون من قبيل وضع الضمير المرفوع المنفصل موضع الضمير المنصوب المنفصل استعارةً، نظير ما يجيء في «كتاب الحجّة» في خامس الباب السابع والأربعين، وهو «باب أنّ الأئمّة عليهم السلام يعلمون متى يموتون، وأنّهم لا يموتون إلّا باختيار منهم» من قول أبي الحسن الأوّل عليه السلام : «إنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ غضب على الشيعة، فخيّرني نفسي أو هم، فوقيتهم واللّه بنفسي» .
وهذا بيان لحال الشاكّ قد يصير أحد الطرفين في نفسه راجحا، فيصير من ساعته الطرف الآخر راجحا، كقولهم : أراك تقدّم رِجلاً، وتؤخّر اُخرى . ۱(فَقَالَ الزِّنْدِيقُ : وَلَعَلَّ ذلِكَ) .لم يجزم بكونه شاكّا، بل رجّح ذلك ؛ أي لعلّ أنا في شكّ، أقام «ذلك» مقام الجملة المركّبة من الاسم والخبر .
(فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : أَيُّهَا الرَّجُلُ ، لَيْسَ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ حُجَّةٌ عَلى مَنْ يَعْلَمُ) ، أي دليل .
(وَلا حُجَّةَ لِلْجَاهِلِ ) أي للذي يحكم بغير المعلوم . والمراد أنّ قبح الحكم بغير المعلوم ضروري، والمنازع مكابر لمقتضى عقله ، فالحاكم بغير معلومه ليس له عذر يدفع به عن نفسه العذاب أو اللوم.
لمّا كان على الجاهل سؤال العالم والاستماع للجواب والتفهّم :
قال: (يَا أَخَا أَهْلِ مِصْرَ ، تَفَهَّمْ عَنِّي ؛ فَإِنَّا) معشرَ المقرّين بأنّ للعالم محدثا مثبتا (لَا نَشُكُّ فِي اللّهِ أَبَدا) أي لا يزعجنا الوهم.
النوع الثالث: الاستدلال على أنّ للعالم محدثا مثبتا.
وذكر فيه خمسة أدلّة، مع أنّ الأدلّة عليه أكثر من أن تُحصى، كما يظهر لمن تدبّر في الأدلّة الخمسة؛ والنظرُ في أوّلها: في تسخير الشمس والقمر لينتفع بهما الخلائق، والنظر في ثانيها: ۲ في حدوث الحوادث كالموت والحياة ونحوهما وربط الحادث