235
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(وَقَدِيما وَعَزِيزا وَحَكِيما وَمَالِكا وَعَالِما وَقَادِرا؛ لِأَنَّ) أي ليس سرّه إلّا أنّ (هذِهِ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَالْاءِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ) .
وفيه ردّ على الأشاعرة حيث ذهبوا إلى أنّ قدرته تعالى تابعة لإرادته، كما قيل في تفسير سورة طه ۱ عند قوله تعالى: «وَإِنْ تَجْهَرْ»۲ .
إن قلت: لا يجوز أيضا أن يُقال: أراد أن يكون مريدا؛ للزوم التسلسل في الإرادات، فيلزم أن لا تكون الإرادة من صفات الفعل؟
قلت: لا يلزم؛ لأنّ هذا ليس حدّا على حدة لصفات الذات، بل لبيان الحدّ الثاني بأنّ كلّ أزليّ ممّا لا يمكن تعلّق الإرادة به، ولا يجب العكس كلّيّا، على أنّا لا نسلّم أنّه لا يجوز أن يُقال: أراد أن يكون مريدا؛ لما مرَّ في رابع الباب من أنّ إرادة الإرادة عين الإرادة.
(أَ لَا تَرى أَنَّهُ يُقَالُ: أَرَادَ هذَا وَلَمْ يُرِدْ هذَا) أي ممّا من شأنه أن يُراد.
(وَصِفَاتُ الذَّاتِ) . عاد إلى بيان الحدّ الأوّل.
(يُنْفى۳) ؛ بصيغة المجهول. والمراد أنّه ينفي بالكلّيّة، ولا يمكن أن يتحقّق أصلاً.
(عَنْهُ بِكُلِّ صِفَةٍ مِنْهَا ضِدُّهَا) أي مقابلها الذي هو في الوجود.
(يُقَالُ: حَيٌّ وَعَالِمٌ وَسَمِيعٌ وَبَصِيرٌ وَعَزِيزٌ وَحَكِيمٌ، غَنِيٌّ) . ظاهره جعل «عزيز» و«غنيّ» من صفات الذات، ولا ضير؛ لأنّه يختلف استعمالهما، وأراد بهما هنا ما في الوجود. ويحتمل بعيدا أن يكون اصطلاح المصنّف تعميم صفات الذات بحيث تشمل صفات التمجيد أيضا.

1.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۷۰ قال : «ولمّا كانت القدرة تابعة للإرادة وهي لا تنقكّ عن العلم عقب ذلك بإحاطة علمه تعالى بجليّات الاُمور وخفيّاتها على سواء ، فقال : «وَ إِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ و يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفَى» أي وإن تجهر بذكر اللّه ودعائه فاعلم أنّه غنّي عن جهرك ؛ فإنّه يعلم السرّ وأخفى منه ، وهو ضمير النفس» .

2.طه (۲۰) : ۷ .

3.في الكافي المطبوع : «تَنْفِي» بصيغة المعلوم .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
234

(وَيُوَالِي) أي ينصر (مَنْ أَطَاعَهُ، وَيُعَادِي مَنْ عَصَاهُ، وَإِنَّهُ يَرْضى) عن بعض (وَيَسْخَطُ) على آخر.
(وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ: اللّهُمَّ ارْضَ عَنِّي، وَلَا تَسْخَطْ عَلَيَّ) . ۱ كأنّه لتوضيح الحدّ الثاني بأمثلة قسيمه قدّم على بيان نفس الحدّ الثاني؛ أي كلّ منهما مقدور للّه تعالى وبإرادته.
(وَلَا يَجُوزُ) . هذا لبيان نفس الحدّ الثاني، وحاصله أنّ الأزلي ليس بقدرة اللّه تعالى ولا بإرادته.
(أَنْ يُقَالَ: يَقْدِرُ أَنْ يَعْلَمَ) أي ما علمه.
(وَلَا) ؛ للعطف، أي ولا أن يُقال: (يَقْدِرُ أَنْ لَا يَعْلَمَ) أي ما لم يعلمه كالشريك.
وهذا تأسيس لكن ذكره بتقريب، فإنّ عدم العلم ليس من صفات الذات.
ويمكن أن يكون المراد أنّ عدم علمه بما علمه ليس بقدرته، فيكون تأكيدا؛ لأنّ القدرة نسبتها إلى الطرفين على سواء إلّا عند الأشعري. ۲(وَيَقْدِرُ) أي ولا يجوز أن يُقال: يقدر (أَنْ يَمْلِكَ، ولَا) ؛ للعطف.
(يَقْدِرُ أَنْ لَا يَمْلِكَ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ عَزِيزا حَكِيما، وَلَا يَقْدِرُ أَنْ لَا يَكُونَ عَزِيزا حَكِيما، وَيَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ جَوَادا، وَلَا يَقْدِرُ أَنْ لَا يَكُونَ جَوَادا، وَيَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ غَفُورا، وَلَا يَقْدِرُ أَنْ لَا يَكُونَ غَفُورا) .
لفظة «لا» العاطفة غير موجودة في الفقرة الثانية أيضا من الأمثلة الأخيرة في بعض النسخ، والأولى حذفها في غير المثال الأوّل؛ لأنّ ذكرها في الفقرة الثانية مع حذفها في الاُولى غير حَسَن.
(ولَا يَجُوزُ أَيْضا أَنْ يُقَالَ) . هذا أيضا لتوضيح الحدّ الثاني.
(أَرَادَ أَنْ يَكُونَ رَبّا) . سيجيء تفسير الربّ وأزليّته في رابع «باب جوامع التوحيد».

1.في الكافي المطبوع : + «وَتَوَلَّنِي وَلَا تُعَادِنِي» .

2.حكاه عن الأشاعرة الخواجة نصير الدين الطوسي في تلخيص المحصّل ، ص ۱۶۷ ؛ والعلّامة الحلّي في معارج الفهم ، ص ۲۷۴ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 55469
صفحه از 584
پرینت  ارسال به