27
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

واللام في قوله عليه السلام : «الدهر » داخلة على الخبر لإفادة الحصر المذكور في الآية في قوله : «إلّا الدهر ».
وهذا الظنّ حاصل لهم بشبهة لهم على قدم العالم ذكرها رئيسهم في كتاب الشفاء في أوّل المقالة التاسعة من الإلهيّات، وحاصلها: أنّ الحركة لا تحدث بعدما لم تكن إلّا لحادث، وذلك الحادث لا يحدث إلّا بحركة مماسّة لهذه الحركة، ولا نُبالي أيَّ حادث كان ذلك الحادث، كان قصدا من الفاعل أو إرادةً أو علما أو طبعا أو آلةً أو حصولَ وقت أوفق للعمل دون وقت، أو حصول تهيّؤٍ أو استعداد للقابل لم يكن، أو وصول من المؤثّر لم يكن، فإنّه كيف كان فحدوثه متعلّق بالحركة، لا يمكن غير هذا؛ لأنّه إذا كانت الأحوال من جهة العلل كما كانت ولم يحدث البتّة أمر لم يكن، كان وجوب كون الكائن عنها، أو لا وجوبه على ما كان، فلم يجز أن يحدث كائن ۱ البتّة، وذلك الأمر لا يمكن أن يكون نفس العلّة الفاعليّة أو القابليّة؛ للزوم التسلسل لاجتماع الفواعل والقوابل في الوجود بخلاف ما يقرّب المعلول من العلّة من الحركة ، ۲ فهو ما يقرّب المعلول من العلّة، وهو الحركة، فإذن قد كان قبل كلّ حركةٍ حركةٌ إلى ما لا نهاية له . ۳
فاستدلّ عليه السلام على نقيض مدّعاهم بحيث يصلح لأن يكون نقضا إجماليّا لشبهتهم، ويظهر به منع قولهم: «فلم يجز أن يحدث كائن البتّة» بقوله :
(إِنْ كَانَ الدَّهْرُ) . الجملة خبر «إنّ»، وفيه إقامة الدليل مقام المدلول ؛ أي باطل لأنّه إن كان، إلى آخره .
و«إن» هُنا وفيما بعد بمعنى «إذ» كما في حديث زيارة الموتى : «وإنّا إن شاء اللّه بكم لاحقون». ۴ ويحتمل كونها شرطيّة .
(يَذْهَبُ بِهِمْ) أي بالقوم الزنادقة.

1.في «ج» : «الكائن» .

2.في «ج» : - «لاجتماع القواعل والقوابل في الموجود بخلاف ما يقرب المعلول من العلة من الحركة» .

3.الشفاء ، ص ۳۷۳ ، الفصل ۱ ، انتشارات ناصر خسرو، الطبعة الاُولى .

4.الكافي ، ج ۳ ، ص ۲۲۹ ، باب زيارة القبور ، ح ۷ و ۸ ؛ الفقيه، ج ۱، ص ۱۷۹، ح ۵۳۳ و ۵۳۴؛ كامل الزيارات، ص ۵۳۲، باب فضل زيارة المؤمنين، ح ۱۲ و ۱۵؛ وسائل الشيعة ، ج ۳ ، ص ۲۲۵ ، ح ۳۴۷۱ و ۳۴۷۲ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
26

السجدة : «قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ»۱ .
(وَأَكْبَرُ ) ؛ بالموحّدة، أي أعظم قدرةً بناءً على أنّ فعله بمحض «كُن ».
(فَقَالَ الزِّنْدِيقُ : صَدَقْتَ) ؛ بصيغة الخطاب إقرارٌ بربّ العالمين .

الدليل الثاني :

(ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ) تقويةً للمدّعى حيث لم يصدر عن الزنديق التصريح بكلمة الإيمان، وأمكن أن يختلج بوهمه شبهة توهّم قِدم العالم، فتمنعه عن التصديق بما علم ، فاستدلّ عليه السلام على الحدوث بما يظهر به ظهورا واضحا الجوابُ عن الشبهة .
(يَا أَخَا أَهْلِ مِصْرَ ، إِنَّ الَّذِي يَذْهَـبُونَ۲إِلَيْهِ) ؛ بصيغة الغيبة ، أي يذهب إليه القوم الزنادقة في سبب الحوادث، كالموت والحياة، والريح والسحاب ونحو ذلك . وسيجيء كثير منها في ثانيالباب.
وكونه بصيغة الحاضر لا يناسب قوله ۳ سابقا : «صدقت»، ولا قوله ۴ لاحقا: «يذهب بهم».
(وَيَظُنُّونَ)۵ ؛ بصيغة الغيبة أيضا . (أَنَّهُ) أي سبب الحوادث (الدَّهْرُ) ؛ بالفتح: ما مضى من الزمان باعتبار ما فيه من الحركات في أين أو وضع أو استعداد لشيء أو نحو ذلك . والدهريّة ـ بالفتح ويضمّ ـ : القائلون بأنّ الدهر أزلي، قالوا: إنّ الحوادث غير مستندة بلا واسطة إلى فاعل بتدبير يصحّ منه الفعل والترك، بل مستندة إلى موجب بواسطة الحركات والاستعدادات الغير المتناهية في جانب المبدأ الحاصلة في مادّة الأجسام ؛ قال تعالى في سورة الجاثية : «وَقَالُوا مَا هِىَ إِلَا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَا يَظُنُّونَ»۶ . ۷

1.فصّلت (۴۱) : ۱۱ .

2.في الكافي المطبوع : «تذهبون» .

3.أي الزنديق .

4.أي أبي عبد اللّه عليه السلام .

5.في الكافي المطبوع : «وتظنّون» .

6.الجاثية (۴۵) : ۲۴ .

7.اُنظر شرح العقيدة الطحاوية ، ص ۸۵ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 72216
صفحه از 584
پرینت  ارسال به