الباقية بإحداث الحادث فيه دون الباقية، سواء قرب المعلول من العلّة أم بعُدَ؛ لأنّ المفروض أنّهما ليسا بأمرين متخالفين في التشخّص فضلاً عن الماهيّة ، بل هما أمران اعتباريان ، ألا ترى أنّ مغناطيس مثلاً يمتنع أن يجذب طبعه حديدا دون حديد بمجرّد أنّ الأوّل ملك زيد، والثاني ملك عمرو، بخلاف ما إذا كان مختارا .
إن قلت : الحركة في الكيف ممكن وواقع، فللمتحرّك فيه في كلّ آن من زمان حركته كيفيّة مخالفة لما في الآنات السابقة واللاحقة، إمّا في الماهيّة بناءً على أنّها مختلفة بالشدّة والضعف، وقد تقرّر أنّ الأشدّ نوع مباين للأضعف ، وإمّا في التشخّص فقط، وإمّا في العارض الخارجي فقط .
قلت : لا نسلّم إمكان الحركة في نحو الكيف ممّا له وجودان في الخارج: وجود في نفسه، ووجود رابطي ، بل الانتقال فيه دفعي كالانتقال من البياض إلى السواد، ومنشأ الاشتباه قِصر زمان كلّ كيفيّة من الكيفيّات المتواردة ، والدليل عليه أنّه لولاه لزم انحصار ما لا يتناهى من الاُمور الموجودة في أنفسها بين حاصرين، أو كون المتحرِّك في الحرارة ـ مثلاًـ خاليا عن الحرارة بالكلّيّة، وكلاهما خلاف البديهة، فلا حركة في العوارض الخارجيّة إلّا فيما لا وجود له في الخارج إلّا الوجود الرابطي كالأين والوضع والمحاذاة والكمّ والزمان والقُرب والبُعد ونحو ذلك، فإنّ انحصار ما لا يتناهى منه بين حاصرين ليس بديهيَّ الاستحالة؛ نظير اجتماع العلوم الغير المتناهية والقُدر الغير المتناهية في اللّه تعالى؛ إذ لا حاجة للاُمور التي ليس لها في الخارج إلّا الوجود الرابطي إلى فاعل وإيجاد وإلّا لزم أن يتعلّق بالإيجاد نفسه إيجاد آخر، ولا ينافي هذا أن يكون الحركة في بعض تلك الاُمور موجودةً في نفسها في الخارج بأن يكون للحركة في الأين ـ مثلاًـ وجودان في الخارج: وجود في نفسه، ووجود رابطي .
(الْقَوْمُ مُضْطَرُّونَ) . المراد بالقوم الزنادقة ، والمقصود إمّا أنّه لا مندوحة ۱ لهم عن