291
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

مِنَّا) أي سواء كان القيام قيام حفظ، أم قيام كفاية (قَائِمٌ عَلى سَاقٍ) ، أي مصداقه القيام على ساق كما مرَّ آنفا.
(فَقَدْ جَمَعْنَا الِاسْمَ وَلَمْ يَجْمَعِ 1 الْمَعْنى. وَأَمَّا اللَّطِيفُ، فَلَيْسَ عَلى قِلَّةٍ وَقَضَافَةٍ وَصِغَرٍ، وَلكِنْ ذلِكَ عَلَى النَّفَاذِ فِي الْأَشْيَاءِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ أَنْ يُدْرَكَ) .
يعني أنّ مناط اللطف ـ وهو ضدّ الغلظ ـ قد يكون القلّةَ بكسر القاف أي رقّة القوام كما في الهواء. والقَضَافة بفتح القاف والمعجمة، أي النحافة والصغر في الجرم، 2 وكلّ من الثلاثة مختصّ بالجسمانيّات.
وأمّا مناطه في اللّه تعالى فأمران متلازمان، ولازمان للتجرّد:
أحدهما: النفاذ في الأشياء بفتح النون والفاء والمعجمة مصدر باب نصر، أي كونه نافذا ماضيا باعتبار أنّه سخّر كلّ شيء بقول: «كُن» يُقال: رجل نافذ في أمره، أي ماضٍ. 3
الثاني: الامتناع؛ أي الإباء من أن يدرك، بصيغة المجهول من باب الإفعال.
(كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ) . مقصوده عليه السلام ذكر نظيرين هما في المخلوق لئلّا يتوهّم أنّ اللطيف مشترك لفظي بين الخالق والمخلوق.
(لَطُفَ عَنِّي هذَا الْأَمْرُ) . تعدية «لطف» ب«عن» بتضمين معنى الصدور، والمراد أنّ هذا الأمر الصادر عنّي لطيف لا يبلغه وهم غيري، ولا يقدر عليه غيري من الناس.
(وَلَطُفَ فُلَانٌ فِي مَذْهَبِهِ وَقَوْلِهِ) ؛ مجرور بالعطف على «مذهبه» أي ذهب فيهما بحيث لم يدركه أحد من الناس، كما يجيء في ثالث الثاني والعشرين 4 من قوله: «فلطفت في الوصول إليه». 5 (يُخْبِرُكَ) . استئنافٌ لبيان ما قبل النظرين. والضمير المستتر للّطيف من أسماء اللّه

1.في الكافي المطبوع : «نجمع» .

2.معجم مقاييس اللغة ، ج ۵ ، ص ۹۸ ؛ لسان العرب ، ج ۹ ، ص ۲۸۴ (قضف) .

3.في «ج» : - «يقال : رجل نافذ في أمره أي ماضي» .

4.أي في الحديث ۳ من باب جوامع التوحيد .

5.في المصدر : «فتلطّفت الوصول إليه» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
290

(كَمَا قَامَتِ الْأَشْيَاءُ) ، يعني أنّ القيام موضوع لغةً للانتصاب، وهو القيام على ساق، 1 وهذا مختصّ بالخلق، ثمّ اُطلق عرفا، أو على طريقة عموم المجاز على أمرين مشتركين معنىً بين اللّه وخلقه؛ هما قيام حفظ وقيام كفاية، ولكلّ منهما مصداق في خلقه، وهو القيام الغير المشترك معنىً بينهما، وهو الانتصاب والقيام على ساق؛ لأنّ شيئا من الوجهين لا يتأتّى في الخلق بدون الانتصاب وإن احتاج إلى أشياء اُخرى غيره كالتلفّظ والمشي ونحو ذلك، ولكلّ منهما في اللّه تعالى مصداق آخر، فإنّ القيام بمعنى الحفظ، والقيامَ بمعنى الكفاية من صفات أفعاله، فمصداق كلّ منهما نفس الأثر.
وهذا ما أشار إليه بقوله:
(وَلكِنْ «قَائِمٌ») أي قولنا: هو تعالى قائم.
(يُخْبِرُ أَنَّهُ حَافِظٌ ، كَقَوْلِ الرَّجُلِ: الْقَائِمُ بِأَمْرِنَا فُلَانٌ) . تصريحٌ باشتراك هذا القيام معنى بين اللّه وخلقه.
(وَاللّهُ هُوَ الْقَائِمُ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ) أي الحافظ لأفعالها، بيده أزمّتها وكلّها بمشيئته وإرادته وقدَره وقضائه.
(وَالْقَائِمُ أَيْضا فِي كَلَامِ النَّاسِ: الْبَاقِي) ؛ يعني يطلق القيام على أمرٍ مختصّ باللّه تعالى ـ ليس مشتركا معنىً بين اللّه وخلقه ـ هو الباقي، ولم يصرّح بعدم الاشتراك لأنّه قد يُطلق البقاء والقيام على الباقي في الجملة وإن كان منقطعا في جانب الماضي، بل فيه وفي جانب المستقبل أيضا وهو مشترك معنىً، لكن في إطلاقه على الخلق بدون قيد سوء أدب، ومصداقه في اللّه تعالى نفس ذاته، وهي غير مشتركة، وفي الخلق أجزاؤه وفاعله ونحو ذلك داخلة في المصداق، كما ذكره المتكلِّمون في بحث زيادة وجود الممكن على ذاته. 2 وللإشارة إلى هذا الذي ذكرنا غيّر اُسلوب هذه الفقرة عن سابقها ولاحقها.
(وَالْقَائِمُ أَيْضا يُخْبِرُ عَنِ الْكِفَايَةِ، كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ: قُمْ بِأَمْرِ بَنِي فُلَانٍ، أَيِ اكْفِهِمْ، وَالْقَائِمُ

1.كتاب العين، ج ۵، ص ۲۲۲ (قوم).

2.ينظر الحكمة المتعالية ، ج ۲ ، ص ۲۴۳ ، في كون وجود الممكن زائدا على ماهيته عقلاً .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 70828
صفحه از 584
پرینت  ارسال به