(وَأَمَّا الْخَبِيرُ، فَالَّذِي لَا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يَفُوتُهُ) أي الخبير في أسمائه تعالى بمعنى الذي لا يعزب عنه شيء ولا يفوته.
(لَيْسَ لِلتَّجْرِبَةِ وَلَا لِلِاعْتِبَارِ بِالْأَشْيَاءِ) . استئناف بياني، والضمير المستتر لمصدر الخبير؛ يعني أنّ الخبير وضع في اللغة لمن له العلم بالأخبار والأحوال، ۱ ومناط هذا العلم في المخلوق التجربة والاعتبار. والمراد بالتجربة ما هو سبب العلم الضروري، وأصله استعمال الحواسّ الخمس الظاهرة. والمراد بالاعتبار ما هو سبب العلم النظري، وهو الحركة الفكريّة، بخلاف مناط هذا العلم في اللّه تعالى؛ فإنّه ذاته بذاته، ولذا لا يعزب عنه شيء ولا يفوته.
(فَعِنْدَ التَّجْرِبَةِ وَالِاعْتِبَارِ عِلْمَانِ وَلَوْلَا هُمَا مَا عَلِمَ۲) . الفاء للبيان، والمراد بالعلمين: العلم الضروري والعلم النظري، وضمير «لولاهما» للتجربة ۳ والاعتبار. و«علم» بصيغة الماضي المعلوم المجرّد، والضمير المستتر للّه تعالى، يعني لو كان اللّه تعالى خبيرا للتجربة والاعتبار، فعند تجربته واعتباره يحدث له علمان، ولولا تجربته واعتباره ما علم شيئا أصلاً، لا ضروريّا ولا نظريّا.
(لِأَنَّ مَنْ كَانَ كَذلِكَ، كَانَ جَاهِلاً) . تعليلٌ لقوله: «ما علم»؛ أي لأنّ كلّ من كان علمه حادثا عند التجربة والاعتبار كان جاهلاً قبل التجربة والاعتبار.
(وَاللّهُ لَمْ يَزَلْ خَبِيرا بِمَا يَخْلُقُ) ، بصيغة المجهول، أو المعلوم من باب نصر.
(وَالْخَبِيرُ مِنَ النَّاسِ الْمُسْتَخْبِرُ عَنْ جَهْلٍ) ؛ بالجرّ والتنوين.
(الْمُتَعَلِّمُ) ؛ بالرفع خبر آخَرُ للخبير.
(وَقَدْ۴جَمَعْنَا الِاسْمَ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى) ؛ فإنّ المصداق فيه تعالى ذاته، وفي الخلق أسباب التعلّم، والاستخبار داخلة في المصداق.