293
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(وَأَمَّا الْخَبِيرُ، فَالَّذِي لَا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يَفُوتُهُ) أي الخبير في أسمائه تعالى بمعنى الذي لا يعزب عنه شيء ولا يفوته.
(لَيْسَ لِلتَّجْرِبَةِ وَلَا لِلِاعْتِبَارِ بِالْأَشْيَاءِ) . استئناف بياني، والضمير المستتر لمصدر الخبير؛ يعني أنّ الخبير وضع في اللغة لمن له العلم بالأخبار والأحوال، ۱ ومناط هذا العلم في المخلوق التجربة والاعتبار. والمراد بالتجربة ما هو سبب العلم الضروري، وأصله استعمال الحواسّ الخمس الظاهرة. والمراد بالاعتبار ما هو سبب العلم النظري، وهو الحركة الفكريّة، بخلاف مناط هذا العلم في اللّه تعالى؛ فإنّه ذاته بذاته، ولذا لا يعزب عنه شيء ولا يفوته.
(فَعِنْدَ التَّجْرِبَةِ وَالِاعْتِبَارِ عِلْمَانِ وَلَوْلَا هُمَا مَا عَلِمَ۲) . الفاء للبيان، والمراد بالعلمين: العلم الضروري والعلم النظري، وضمير «لولاهما» للتجربة ۳ والاعتبار. و«علم» بصيغة الماضي المعلوم المجرّد، والضمير المستتر للّه تعالى، يعني لو كان اللّه تعالى خبيرا للتجربة والاعتبار، فعند تجربته واعتباره يحدث له علمان، ولولا تجربته واعتباره ما علم شيئا أصلاً، لا ضروريّا ولا نظريّا.
(لِأَنَّ مَنْ كَانَ كَذلِكَ، كَانَ جَاهِلاً) . تعليلٌ لقوله: «ما علم»؛ أي لأنّ كلّ من كان علمه حادثا عند التجربة والاعتبار كان جاهلاً قبل التجربة والاعتبار.
(وَاللّهُ لَمْ يَزَلْ خَبِيرا بِمَا يَخْلُقُ) ، بصيغة المجهول، أو المعلوم من باب نصر.
(وَالْخَبِيرُ مِنَ النَّاسِ الْمُسْتَخْبِرُ عَنْ جَهْلٍ) ؛ بالجرّ والتنوين.
(الْمُتَعَلِّمُ) ؛ بالرفع خبر آخَرُ للخبير.
(وَقَدْ۴جَمَعْنَا الِاسْمَ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى) ؛ فإنّ المصداق فيه تعالى ذاته، وفي الخلق أسباب التعلّم، والاستخبار داخلة في المصداق.

1.لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۲۲۶ (خبر) .

2.في الكافي المطبوع : «عُلِمَ» .

3.في «ج» : «بالتجربة» .

4.في الكافي المطبوع : «فقد» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
292

تعالى، والإسناد مجازي.
(أَنَّهُ) . الضمير للشأن أو للّه .
(غَمَضَ) ؛ بالمعجمتين بصيغة الماضي المعلوم من باب نصر وحسن؛ أي تاه. والغموض ضدّ الوضوح.
(فِيهِ) . الضمير للّه .
(الْعَقْلُ) ؛ مرفوع بالفاعليّة.
(وَفَاتَ) . الضمير المستتر للّه .
(الطَّلَبَ۱) ، بالنصب مفعول «فات» أي لم يدركه الطلب، والنسبة مجاز عقلي.
(وَعَادَ) . الضمير للطلب.
(مُتَعَمِّقا مُتَلَطِّفا) ؛ حالان لضمير «عاد» ضُمّنا معنى القول، ولذلك صار قوله:
(لَا يُدْرِكُهُ الْوَهْمُ) ، مفعولَهما؛ يعني لم يحصل للطلب في التعمّق والتلطّف إلّا العلم والقول بأنّه لا يدركه الوهم وإن بولغ في التعمّق والتلطّف.
(فَكَذلِكَ لَطُفَ اللّهُ) ؛ بطريق الإضافة، ويمكن أن يكون فعلاً ماضيا وفاعلاً.
(تَبَارَكَ وَتَعَالى عَنْ) ؛ متعلّق ب«تعالى» أو ب«لطف».
(أَنْ يُدْرَكَ بِحَدٍّ، أَوْ يُحَدَّ بِوَصْفٍ) . المراد بالإدراك بحدٍّ معرفةُ كنه ذاته بالحدّ التامّ، وبالحدّ بوصف أن يجعل أسماؤه المشتقّة وما يجري مجراها موصلةً إلى كنه ذاته.
(وَاللَّطَافَةُ مِنَّا : الصِّغَرُ وَالْقِلَّةُ) . لم يذكر القضافة مسامحةً لظهوره ممّا سبق، أو لأنّ الثلاثة يرجع إلى معنى.
(فَقَدْ جَمَعْنَا الِاسْمَ ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى) ؛ فإنّ مفهوم هذا المشترك فينا معنى مخصوص بالجسمانيّات، وفيه تعالى التجرّد عن علائق الجسمانيّات المستلزم للنفاذ والامتناع؛ وذلك لأنّ القدر المشترك الذي هو معنى حقيقي لغةً للعطف ليس بكمال؛ لأنّه يتحقّق في أحقر الأشياء أيضا.

1.في الكافي المطبوع : «الطلبُ» بالضمّ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 69768
صفحه از 584
پرینت  ارسال به