307
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، فَأَمَّا اللّهُ ـ الْعَظِيمُ الشَّأْنِ، الْمَلِكُ، الدَّيَّانُ ـ فَلَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، وَلَا يَشْتَغِلُ بِهِ مَكَانٌ ، وَلَا يَكُونُ إِلى مَكَانٍ أَقْرَبَ مِنْهُ إِلى مَكَانٍ) .
الرابع: (عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عليهماالسلام: جَعَلَنِيَ اللّهُ فِدَاكَ يَا سَيِّدِي، قَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّ اللّهَ فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ) . وقوله:
(عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) ، تتمّة المرويّ، وهو استئناف بياني؛ أي هذا الموضع الذي هو فيه هو العرش.
(وَأَنَّهُ) أي وروي لنا أنّه (يَنْزِلُ) أي من عرشه (كُلَّ لَيْلَةٍ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا) .
(وَرُوِيَ) . إشارة إلى أنّ سند الروايتين السابقتين متّحد، وغير سند هذه الرواية.
(أَنَّهُ يَنْزِلُ) أي من عرشه (عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلى مَوْضِعِهِ، فَقَالَ بَعْضُ مَوَالِيكَ فِي ذلِكَ) أي في تكذيب الروايات، أو في الاستشكال عليها.
(إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ ،فَقَدْ يُلَاقِيهِ الْهَوَاءُ، وَيَتَكَنَّفُ عَلَيْهِ) ؛ بالنون والفاء بصيغة المضارع المعلوم من باب التفعّل؛ أي يحيط به.
(وَالْهَوَاءُ جِسْمٌ رَقِيقٌ يَتَكَنَّفُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ بِقَدْرِهِ) أي بقدر ذلك الشيء، يعني لا ينقص داخل الهواء عنه، فيتداخل ولا يزيد عليه، فيحصل خلأً.
(فَكَيْفَ يَتَكَنَّفُ عَلَيْهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلى هذَا الْمِثَالِ؟!) أي على قدره.
(فَوَقَّعَ عليه السلام ) كان هذا التوقيع تحت قوله: «على العرش استوى».
(عِلْمُ ذلِكَ عِنْدَهُ، وَهُوَ الْمُقَدِّرُ لَهُ بِمَا هُوَ أَحْسَنُ تَقْدِيرا ) . «علم» مبتدأ ومضاف. و«ذلك» إشارة إلى العرش. و«عنده» خبر المبتدأ، والضمير للّه ، وضمير «هو» للّه . و«المقدّر» بصيغة اسم فاعل باب التفعيل: المدبّر، سواء كان موجدا وفاعلاً أم لا. وضمير «له» للعرش. والباء في «بما» للملابسة. و«ما» موصولة، وعبارة عن النظام، وضمير «هو» لما. و«تقديرا» تمييز للنسبة في «أحسن» يعني أنّ المراد بعرش اللّه


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
306

«باب ابتداء الكعبة وفضلها وفضل الحرم» أنّ هذا الكلام من عبد الكريم ابن أبي العوجاء متّصل بما يجيء في «كتاب الحجّ» في أوّل «باب ابتلاء الخلق واختبارهم بالكعبة» وهو الباب السادس من قول أبي عبداللّه عليه السلام : «وهذا بيت استعبد اللّه به خلقه ليختبر طاعتهم» إلى آخره. 1 (ذَكَرْتَ اللّهَ، فَأَحَلْتَ عَلى غَائِبٍ) . يُقال: أحال عليه بدَيْنه، والاسم: الحوالة.
لمّا فهم من كلامه عليه السلام أنّ فائدة الطاعات الثواب على اللّه تعالى، شبّه ذلك بالحوالة للدين على غائب لا يمكن الطلب والأخذ منه.
(فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : وَيْلَكَ، كَيْفَ يَكُونُ غَائِبا مَنْ هُوَ مَعَ خَلْقِهِ شَاهِدٌ) أي إنّما لا يمكن الطلب من غائب يكون في مكان بعيد عن مكان الطالب، وليس اللّه كذلك.
(وَإِلَيْهِمْ أَقْرَبُ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) ؛ هو العِرْق الذي في صفحة العنق، وهما وريدان مكتنفان صفحتي العنق ممّا يلي مقدّمه، غليظان، ينتفخان عند الغضب. 2 ويُقال: إنّ الوريد والوتين والنَسْ ءُ عرق واحد يسمّى في العنق «وريدا» وفي القلب «وتينا» وفي الفخذ والساق «نَسأً». 3 (يَسْمَعُ كَلَامَهُمْ، وَيَرى أَشْخَاصَهُمْ، وَيَعْلَمُ أَسْرَارَهُمْ؟! فَقَالَ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ: أَ هُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ؟ أَ لَيْسَ إِذَا كَانَ فِي السَّمَاءِ، كَيْفَ يَكُونُ فِي الْأَرْضِ؟!) أي لا يكون في الأرض. أعطى «كيف» للاستفهام الإنكاري حكمَ «لا» للنفي، وأقامها مقامها كأنّه ابتداء الكلام على أن يصرّح بالنفي، ثمّ خاف التصريح فأتى ب«كيف».
(وَإِذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ، كَيْفَ يَكُونُ) أي لا يكون.
(فِي السَّمَاءِ؟! فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام : إِنَّمَا وَصَفْتَ الْمَخْلُوقَ الَّذِي إِذَا انْتَقَلَ عَنْ مَكَانٍ، اشْتَغَلَ بِهِ مَكَانٌ، وَخَلَا مِنْهُ مَكَانٌ، فَلَا يَدْرِي فِي الْمَكَانِ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ مَا يَحْدُثُ فِي

1.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۲۴۹ ، ح ۲۳۲۵ .

2.لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۴۵۹ ؛ تاج العروس ، ج ۵ ، ص ۳۱۰ (ورد) .

3.النهاية ، ج ۱ ، ص ۱۸ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 57101
صفحه از 584
پرینت  ارسال به