309
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

عليه بقوله:

واعلَم أنّني وأبا حميدكما النشوان والرجل الحليم۱
وقوله:

أخ ماجد لم يخزني يوم مشهدكما سيف عمرو لم تخنه مضاربه۲
وإنّما يصحّ الاستدلال بهما إذا لم يثبت أنّ «ما» المصدريّة تُوصل بالجمل الاسميّة.
والخامس: أنّ «ما» كافّة أيضا، و«أنت» فاعل، والأصل: كما كنت، ثمّ حذفت «كان» فانفصل الضمير. وهذا بعيد، بل الظاهر أنّ «ما» على هذا التقدير مصدريّة. انتهى. ۳
و«على العرش» خبر ثان؛ يعني ليس كونه في السماء الدنيا مزيلاً له عمّا كان عليه، ولا مانعا عن كونه على العرش، فالمراد بنزوله إلى السماء الدنيا استجابته الدعاء ونحو ذلك، نظير قوله: «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِى الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا»۴ ومضى في سادس «باب فقد العلماء» من «كتاب العقل». وقوله: «وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّا صَفّا»۵ ، وقوله: «والأشياء» إلى آخره إشارة إلى معنى الاستواء على العرش في الآية، موافقا لما يجيء في سادس الباب وسابعه وثامنه.
(وَ عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى مِثْلُهُ) .
(وَفِي قَوْلِهِ۶:«مَا يَكُونُ مِن نَّجْوى ثَلثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ»۷) . هذا كلام المصنّف، وهو معطوف على الحركة والانتقال؛ أي وهذا الباب في قوله.

1.حكاه أبو حيان الأندلسي في تفسير البحر المحيط ، ج ۱ ، ص ۶۱۷ ؛ و ج ۲ ، ص ۱۰۶ بلفظ : «لعمرك» بدل «واعلم» .

2.حكى عجزه في القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۴۱۱ .

3.مغني اللبيب ، ج ۱ ، ص ۱۷۷ .

4.الرعد (۱۳) : ۴۱ .

5.الفجر (۸۹) : ۲۲ .

6.في الكافي المطبوع : + «تعالى» .

7.المجادلة (۵۸) : ۷ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
308

مجموع مخلوقاته، فإنّه مملكته.
والمراد باستوائه على العرش استيلاؤه على كلّ جزء من أجزائه بالسويّة؛ أي بلا تفاوت، وذلك بعلمه التامّ به وتدبيره إيّاه أحسن تدبير، فإنّه لا يخرج شيء من أفعال العباد حتّى كفر الكافر عن مشيئته تعالى وإرادته وقدره وقضائه وإذنه، كما يجيء في الباب الخامس والعشرين، ويجيء معنى استوائه تعالى على العرش في سادس الباب وسابعه وثامنه.
(وَاعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَهُوَ كَمَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ، وَالأَشْيَاءُ كُلُّهَا لَهُ سَوَاءٌ عِلْما وقُدْرَةً وَمُلْكا وَإِحَاطَةً) . «فهو» مبتدأ و«كما هو» خبر المبتدأ، أي لا يتغيّر، نظير «كُن كما أنت».
قال ابن هشام في مغني اللبيب في بيان أنّ الكاف قد يكون للاستعلاء:
قيل في كُن كما أنت: إنّ المعنى على ما أنت عليه، وللنحويّين في هذا المثال أعاريب:
أحدها: هذا وهو أنّ «ما» موصولة و«أنت» مبتدأ حذف خبره.
والثاني: أنّها موصولة، و«أنت» خبر حذف مبتدؤه؛ أي كالذي هو أنت، وقد قيل بذلك في قوله تعالى: «اجْعَل لَنَا إِلَها كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ»۱ أي كالذي هو لهم آلهة.
والثالث: أنّ «ما» زائدة ملغاة والكاف أيضا جارّة كما في قوله:

وننصر مولانا ونعلم أنّهكما الناس مجروم عليه وجارم۲
و«أنت» ضمير مرفوع اُنيب عن المجرور، كما في قوله: ما أنا كأنت، والمعنى: كن فيما تستقبل مماثلاً لنفسك فيما مضى.
والرابع: أنّ «ما» كافّة، و«أنت» مبتدأ حذف خبره، أي عليه أو كائن، وقد قيل في «كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ» أنّ «ما» كافّة. وزعم صاحب المستوفى ۳ أنّ الكاف لا تكفّ ب«ما» وردّ

1.الأعراف (۷) : ۱۳۸ .

2.حكاه ابن عقيل في شرحه ، ج ۲ ، ص ۳۴ ؛ والطريحي في مجمع البحرين ، ج ۴ ، ص ۳ .

3.هو أبو سعد كمال الدين عليّ بن مسعود الفرغاني ، واسم كتابه المستوفى في النحو ، كما في كشف الظنون ، ج ۲ ، ص ۱۶۷۵ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 57097
صفحه از 584
پرینت  ارسال به