33
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

بِإِذْنِهِ» كما في سورة الحجّ . 1
ويُحتمل أن يُراد بالسماء المطر، وبسقوطها انحدارها مرّة واحدة لا بقطرات وتدريج . وفيه من الدلالة ما لا يخفى .

الدليل الخامس :

(لِمَ لَا تَنْحَدِرُ الْأَرْضُ فَوْقُ۲طِبَاقِهَا) . الحدر ـ بالفتح والمهملات ـ : الحطّ من علو إلى سفل ، والحدر أيضا الإحاطة بالشيء . ۳ والانحدار هنا إمّا مطاوع الأوّل ؛ أي لِمَ لا تنحطّ. وهو ناظر إلى مذهب من يقول : إنّ الأرض كانت كُرَة صغيرة، فدُحيت ومدّت وفرشت، فصارت كأنّها قطعة قريبة من الربع من وجه كرة عظيمة، فكان مجموع الأرض والماء كرة واحدة، مركزها في الماء، وهو مركز ثقل العالم . وإمّا مطاوع الثاني؛ أي لِمَ لا يحاط. وهو ناظر إلى مذهب من يقول من الزنادقة : إنّ الأرض كرة على حدة مركزها مركز ثقل العالم، وأنّ الماء محيط بثلاثة أرباع من الأرض تقريبا، وهو كرة ناقصة . ۴
و«فوق» بالرفع بدل بعض من الأرض .
و«طباق» بكسر المهملة جمع طبقة أو طبق بفتحتين، كرقبة ورقاب، وجبل وجبال . ۵ قيل: والسماوات طباق طبقة فوق طبقة، أو طبق فوق طبق ؛ انتهى . ۶
وقيل : لمطابقة بعضها بعضا ؛ انتهى . ۷
وظاهره أنّه ليس بجمع بل مصدر وُصف به، وكأنّه لندور «فعال» في جمع «فعلة»

1.الحجّ (۲۲) : ۶۵ .

2.في الكافي المطبوع: «فوقَ» بالفتح .

3.كتاب العين ، ج ۳ ، ص ۱۷۸ ؛ لسان العرب ، ج ۴ ، ص ۱۷۲ (حدر) .

4.اُنظر المواقف ، ج ۲ ، ص ۴۷۹ ؛ شرح المقاصد ، ج ۱ ، ص ۳۵۴ .

5.كتاب العين ، ج ۵ ، ص ۱۰۸ ؛ لسان العرب ، ج ۱۰ ، ص ۲۱۰ (طبق) .

6.أساس البلاغة للزمخشري ، ص ۳۸۳ (طبق) .

7.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۵۶ (طبق) .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
32

ثمّ إنّ الوضع من قبيل النسبة، وهي فرع المنتسبين، فلا يكفي في تحقّقه بعض الأجسام، ومجموعها من حيث المجموع لا يمكن أن يجعل لنفسه الوضع بمعنى نسبة بعض أجزائه إلى بعض، لا بنفسه ولا بجزئه ولا بعارضه ؛ لأنّ للجزء والعارض أيضا وضعا، وافتراق الحادّ من المحدود والمؤلّف من المؤلّف بديهيّ .
إن قلت : اختصاص الجسم المحيط بما عداه بمكانه بسبب مقداره اللازم له عقلاً؛ فإنّه لا يسعه مكان آخر، فهكذا إلى الأرض .
قلت : ليس مقدار جسم ولا تشخّصه ولا وجوده لازما عقليّا لذاته؛ لتشابه المقادير في تمام الحقيقة بديهةً ، ويجيء تفصيله في سادس «باب النهي عن الجسم والصورة ».

الدليل الرابع :

(لِمَ لَا تَسْقُطُ السَّمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ؟) . المراد بالسماء السحاب ، ويحتمل أن يُراد ما يشمل الأفلاك ، وحاصله: أنّا نرى كلّاً من الماء والبَرَد والثلج ونحو ذلك ـ إذا لم يكن تحته جسم يكون عمودا له ومانعا من حركته ـ يتحرّك إلى سفلٍ، إمّا صريحٍ كما في الساقط، أو غير صريح كما في الجاري على وجه الأرض ، وإذا كان تحته جسم مانع، يحسّ منه مدافعة وميل إلى السفل، ونرى السحاب الثقال تسخّر في الجوّ بغير عمد نراها، سواء كان بمحض القدرة كما في السحاب الساكن، أم بالريح كما في المتحرّك، فإنّ الريح هواء متحرِّك غير مرئيّ، وليس حدوث الريح بنحو طبع الأجسام.
وما يُقال من أنّ سببه نحو التخلخل أو التكاثف ممّا يُضحك الثكلى، فاللّه تعالى هو الذي يُنشئ السحاب الثقال، كما في سورة الرعد 1 «وَ يُمْسِكُ السَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَا

1.مقتبس من سورة الرعد (۱۳) : ۲ . في حاشية «أ» : «قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى في سورة الرعد : «اللَّهُ الَّذِى رَفَعَ السَّمَـوَ تِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا» إلى آخره ، «عمد» أي أساطين جمع عماد كإهاب وأهب أو عمود ، وقرئ : عمد كرسل . «ترونها» صفة لعمد ، أو استئناف للاستشهاد برؤيتهم السموات كذلك ، وهو دليل على وجود الصانع الحكيم ؛ فإنّ ارتفاعها على سائر الأجسام المساوية لها في حقيقة الجرمية ، واختصاصها بما يقتضي ذلك لابدّ وأن يكون بمخصّص ليس بجسم ولا جسماني يرجّح بعض الممكنات على بعض بإرادته» . تفسير البيضاوي ، ج ۲ ، ص ۳۳۲ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 72177
صفحه از 584
پرینت  ارسال به