323
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

كَبِيرُهُمْ» 1 ، ونظير قول مؤذِّن يوسف: «أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ» 2 ، ونسبهم إلى نفسه آخرا حيث قال: «إِنَّنِى بَرِى ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ» 3 .
والقول الليّن أحسن من الغير الليّن في مقام الإرشاد، كما في قوله تعالى في سورة طه: «فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّنا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى» . 4
(وَكَيْفَ يَحْمِلُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ) أي العلماء (اللّهَ ، وَبِحَيَاتِهِ حَيِيَتْ قُلُوبُهُمْ، وَبِنُورِهِ اهْتَدَوْا إِلى مَعْرِفَتِهِ؟!) .
الثاني: (أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى، قَالَ: سَأَلَنِي أَبُو قُرَّةَ الْمُحَدِّثُ أَنْ أُدْخِلَهُ عَلى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام ، فَاسْتَأْذَنْتُهُ، فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ عَنِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَ فَتُقِرُّ أَنَّ اللّهَ مَحْمُولٌ؟ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام : كُلُّ مَحْمُولٍ مَفْعُولٌ بِهِ) أي منفعل عن غيره.
(مُضَافٌ إِلى غَيْرِهِ) أي تابع لغيره.
(مُحْتَاجٌ) إلى ذلك الغير.
(وَالْمَحْمُولُ اسْمُ نَقْصٍ) . الاسم: العلّامة، أي دليل نقص.
(فِي اللَّفْظِ) أي في صريح مدلول اللفظ بدون حاجة إلى تنقيب.
(وَالْحَامِلُ فَاعِلٌ وَهُوَ فِي اللَّفْظِ) أي في صريحه.
(مِدْحَةٌ) ؛ بكسر الميم، مصدر باب منع؛ أي نوع من المدح. والمدحة أيضا ما يمدح به.
(وَكَذلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ: فَوْقَ، وَتَحْتَ، وَأَعْلى، وَأَسْفَلَ) ؛ فإنّ الفوق والأعلى مدحة في صريح مدلول اللفظ، والتحت والأسفل نقص فيه، ولا ينافي النقص من جهة المدحة من جهة اُخرى.

1.الأنبياء (۲۱) : ۶۳ .

2.يوسف (۱۲) : ۷۰ .

3.الأنعام (۶) : ۱۹ .

4.طه (۲۰) : ۴۴ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
322

(الْمَلَكوُتُ الَّذِي أَرَاهُ اللّهُ أَصْفِيَاءَهُ وَأَرَاهُ خَلِيلَهُ صلى الله عليه و آله ) ؛ وذلك لأنّ ملكوته تعالى باعتبار أفعال نفسه ظاهر عند كلّ أحد، ولا دخل لإراءته في الإيقان المطلوب هنا.
(فَقَالَ) في سورة الأنعام: ( «وَكَذَ لِكَ نُرِى إِبْرَ هِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَـوَ تِ وَالْأَرْضِ» ). الواو للعطف على «قال» في قوله تعالى سابقا: «وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِاَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاما آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ» 1 والكاف للتعليل على مقدّم وجودا مثل: «وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ» 2 ، ومثل: «أَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللّهُ إِلَيْكَ» 3 ؛ و«ذلك» إشارة إلى مصدر «قال».
وإراءة إبراهيم الملكوت هنا عبارة عن تأييد إبراهيم وإحداث الباعث على اطمئنان قلبه على الملكوت بعد إيمانه به، نظير قوله تعالى: «قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي» 4 . والمضارع في «نُرِيَ» حكاية للحال الماضية؛ لإفادة التكرار على حسب وقوع أنواع من الغلظة في كلام إبراهيم مع من جرى مجرى أبيه، ولا سيّما على قراءة من قرأ «آزر» بالرفع على النداء. 5
( «وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ» 6 ). الواو للعطف على «كذلك» أي ونريه ليكون من الذين اطمأنّت قلوبهم على أنّ كلّ شيءٍ مخلوقٌ له خلقَ تكوينٍ أو خلقَ تدبير، وأنّ بيده أزمّةَ الاُمور من الخير والشرّ، فليَّنوا القول في إرشاد المشركين والفسّاق، ولذا خاطب إبراهيم من جرى مجرى أبيه قبل الإراءة بكلام فيه أنواع من الخشونة، حيث قال: «أَتَتَّخِذُ أَصْنَاما آلِهَةً إِنِّى أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِى ضَلَالٍ مُبِينٍ» ، وبعد الإراءة ليّن القول مع البُعداء الذين عبدوا الكواكب، وعدّ نفسه أوّلاً من جملتهم، حيث قال حين رأى كوكبا: «هَـذَا رَبِّى» تمهيدا لإرشادهم، ورعايةً لمصلحة، نظير قوله: «إِنِّى سَقِيمٌ» 7 ، وقوله: «بَلْ فَعَلَهُ

1.الأنعام (۶) : ۷۴ .

2.البقرة (۲) : ۱۹۸ .

3.القصص (۲۸) : ۷۷ .

4.البقرة (۲) : ۲۶۰ .

5.حكى ذلك الثعلبي في تفسيره ، ج ۴ ، ص ۱۶۰ عن الحسن وأبي زيد المدني ويعقوب الحضرمي .

6.الأنعام (۶) : ۷۵ .

7.الصافّات (۳۷) : ۸۹ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 71143
صفحه از 584
پرینت  ارسال به