325
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

العلّامة؛ يعني أنّ العرش كتاب اللّه الدالّ على كمال علم اللّه وقدرته، فإنّ فيه تبيان كلّ شيء مع قلّة لفظه، موافقا لقوله تعالى في سورة الحديد: «مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَلَا فِى أَنْفُسِكُمْ إِلَا فِى كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ» 1 .
(وَعَرَشَ فِيهِ كلَّ 2 شَيْءٍ) . «عرش» بصيغة الماضي المعلوم من باب ضرب، والضمير المستتر للّه . والعرش: الرفع، والمراد هنا التبيان. وضمير «فيه» لاسم. و«كلّ» منصوب على المفعوليّة.
وهذا من عطف الجملة الفعليّة على الاسميّة، وإشارة إلى وجه تسمية الكتاب بالعرش، يعني أوضح اللّه في كتابه كلّ شيء، كما في قوله في سورة النحل: «وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانا لِكُلِّ شَىْ ءٍ» . 3 ومضى بيانه في «كتاب العقل» في ثامن الحادي والعشرين. 4 (ثُمَّ أَضَافَ الْحَمْلَ إِلى غَيْرِهِ خَلْقٍ مِنْ خَلْقِهِ) . «ثمّ» للتعجّب؛ فإنّ حمل أحد من الناس كتاب اللّه الذي هو تبيان كلّ شيء عجيب جدّا، خارق للعادة، دالّ على كمال قدرة الصانع تعالى شأنه، كما مرّ في «كتاب العقل» في سابع الباب الرابع عشر، وهو «باب استعمال العلم» من قوله: «خاصموه بما ظهر لكم من قدرة اللّه عزّ وجلّ».
و«أضاف» بصيغة الماضي المعلوم من باب الإفعال، معطوفٌ على «عَرَش». والضمير المستتر للّه . و«الحمل» منصوب على المفعوليّة. والمراد حمل العرش. وضمير «غيره» للّه ، و«خلق» مجرور وبدل «غيره» وعبارة عن الحجج المعصومين، سواءً كانوا أنبياء أم أوصياء. و«من» للتبعيض. وضمير «خلقه» للّه .
وهذا إشارة إلى قوله تعالى: «وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ» 5 وقوله تعالى: «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ

1.الحاقّة (۶۹) : ۱۷ .

2.الحديد (۵۷) : ۲۲ .

3.في الكافي المطبوع : «وعَرْشٍ فيه كلُّ» بدل «عَرَشَ فيه كلَّ» .

4.النحل (۱۶) : ۸۹ .

5.أي في الحديث ۸ من باب الردّ إلى الكتاب والسنّة وأنّه ليس شيء من الحلال و الحرام وجميع ما يحتاج الناس إليه إلّا وقد جاء فيه كتاب أو سنّة .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
324

(وَقَدْ قَالَ اللّهُ تَعَالى : وَلَهُ الأَْسْمَآءُ الْحُسْنَى) ؛ نقل بالمعنى من سورة الأعراف، ۱ فإنّ فيها «وللّه » بدل «وله» أي له أفضل المتقابلين في جميع الصفات.
(فَادْعُوهُ بِهَا. وَلَمْ يَقُلْ فِي كُتُبِهِ: إِنَّهُ الْمَحْمُولُ، بَلْ قَالَ: إِنَّهُ الْحَامِلُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَالْمُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا، وَالْمَحْمُولُ) أي له تعالى (مَا سِوَى اللّهِ) أي كلّ واحد ممّا سوى اللّه ، كما مرّ في سابع «باب الحركة والانتقال» في تفسير قوله تعالى: «الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى»۲ .
(وَلَمْ يُسْمَعْ) ؛ بصيغة المجهول.
(أَحَدٌ آمَنَ بِاللّهِ وَعَظَمَتِهِ قَطُّ قَالَ فِي دُعَائِهِ: يَا مَحْمُولُ) .
(قَالَ أَبُو قُرَّةَ: فَإِنَّهُ قَالَ ) في سورة الحاقّة: («وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَـئذٍ ثَمَـنِيَةٌ»۳وقَالَ) في سورة المؤمن: («الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ»۴؟) . مقصوده الردّ على قوله عليه السلام : «لم يقل في كتبه: إنّه المحمول» بأنّ هاتين الآيتين دالّتان على أنّه محمول بالواسطة. وهذا مبنيّ على توهّم أنّ المراد بالعرش السرير الذي يجلس عليه الملك، وأنّه تعالى جالس على العرش.
(فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام : الْعَرْشُ لَيْسَ هُوَ اللّهَ) أي ليس حمل العرش حملاً للّه من قبيل ما روي: «لا تسبّوا الدهر؛ فإنّ الدهر هو اللّه » ۵ أي سبّ الدهر سبٌّ للّه ؛ لأنّه الطارق بالنوائب التي يشكون الدهر أو الفلك لأجلها، دون الدهر ودون الفلك.
(وَالْعَرْشُ اسْمُ عِلْمٍ وَقُدْرَةٍ) . «العرش» مبتدأ و«اسم» خبره ۶ ومضاف، وهو بمعنى

1.الأعراف (۷) : ۱۸۰ .

2.الرحمن (۵۵) : ۵ .

3.الحاقّة (۶۹): ۱۷.

4.المؤمن (غافر) (۴۰) : ۷ .

5.المجازات النبويّة ، ص ۲۳۵ ، ح ۱۹۰ ؛ الأمالي للسيّد المرتضى ، ج ۱ ، ص ۳۴ ؛ الإيضاح للفضل بن شاذان ، ص ۱۱ و ۱۸۲ ؛ كنز الفوائد ، ص ۱۰ ؛ عوالي اللآلي ، ج ۱ ، ص ۵۶ ، ح ۸۰ ؛ جامع الأخبار ، ص ۱۶۰ .

6.في «ج» : «خبر» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 55593
صفحه از 584
پرینت  ارسال به