العلّامة؛ يعني أنّ العرش كتاب اللّه الدالّ على كمال علم اللّه وقدرته، فإنّ فيه تبيان كلّ شيء مع قلّة لفظه، موافقا لقوله تعالى في سورة الحديد: «مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِى الْأَرْضِ وَلَا فِى أَنْفُسِكُمْ إِلَا فِى كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ» 1 .
(وَعَرَشَ فِيهِ كلَّ 2 شَيْءٍ) . «عرش» بصيغة الماضي المعلوم من باب ضرب، والضمير المستتر للّه . والعرش: الرفع، والمراد هنا التبيان. وضمير «فيه» لاسم. و«كلّ» منصوب على المفعوليّة.
وهذا من عطف الجملة الفعليّة على الاسميّة، وإشارة إلى وجه تسمية الكتاب بالعرش، يعني أوضح اللّه في كتابه كلّ شيء، كما في قوله في سورة النحل: «وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانا لِكُلِّ شَىْ ءٍ» . 3 ومضى بيانه في «كتاب العقل» في ثامن الحادي والعشرين. 4 (ثُمَّ أَضَافَ الْحَمْلَ إِلى غَيْرِهِ خَلْقٍ مِنْ خَلْقِهِ) . «ثمّ» للتعجّب؛ فإنّ حمل أحد من الناس كتاب اللّه الذي هو تبيان كلّ شيء عجيب جدّا، خارق للعادة، دالّ على كمال قدرة الصانع تعالى شأنه، كما مرّ في «كتاب العقل» في سابع الباب الرابع عشر، وهو «باب استعمال العلم» من قوله: «خاصموه بما ظهر لكم من قدرة اللّه عزّ وجلّ».
و«أضاف» بصيغة الماضي المعلوم من باب الإفعال، معطوفٌ على «عَرَش». والضمير المستتر للّه . و«الحمل» منصوب على المفعوليّة. والمراد حمل العرش. وضمير «غيره» للّه ، و«خلق» مجرور وبدل «غيره» وعبارة عن الحجج المعصومين، سواءً كانوا أنبياء أم أوصياء. و«من» للتبعيض. وضمير «خلقه» للّه .
وهذا إشارة إلى قوله تعالى: «وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ» 5 وقوله تعالى: «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ