327
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

وضمير «هم» ل«خلقا». وضمير «بعلمه» للّه ، يعني أنّ هؤلاء الخلقَ ليسوا بحملة العلم، بل تابعون لهم في التعلّم منهم بالغدوّ والآصال، والعمل بما سمعوا منهم، وهم طائفة من الشيعة الإماميّة، وهم في هذا الزمان خاصّةً موالي القائم الثلاثون المذكورون في «كتاب الحجّة» في سادس عشر «باب في الغيبة» وتاسع عشره، والمراد أنّه لولا حمل خلق من خلقه عرشَه، لم يستعبد اللّه تعالى طائفة يسبّحون حول عرشه؛ لقبح الاستعباد حينئذٍ.
(وَمَلَائِكَةً يَكْتُبُونَ أَعْمَالَ عِبَادِهِ) . و«ملائكة» منصوب بالعطف على «خلقه»؛ أي واستعبد ملائكة. والمراد بالملائكة ملائكة اليمين والشمال، فإنّ لكلّ عبدٍ في كلّ يومٍ مَلَكين، وفي كلّ ليلة ملكين، يكتبان أعماله؛ يعني لولا حمل خلق من خلقه عرشَه، لم يستعبد اللّه تعالى الملائكة الكَتَبة للأعمال؛ لقُبح الاستعباد حينئذٍ؛ لأنّ حسن الأعمال وقبحها فرع التكليف، وإذا لم يكن حامل عرشه لقبح التكليف.
(وَاسْتَعْبَدَ أَهْلَ الْأَرْضِ بِالطَّوَافِ حَوْلَ بَيْتِهِ) . «واستعبد» جملة حاليّة بتقدير «قد».
وهذا توضيح وتقوية للمدّعى بذكر نظير. والباء في «بالطواف» للتعليل، يعني لو ارتفع طواف بيته لارتفع استعباد أهل الأرض لنزول العذاب على أهل الأرض حينئذٍ، كما يجيء في «كتاب الحجّ» في أحاديث «باب لو ترك الناس الحجّ لجاءهم العذاب». ۱
ثمّ إنّ أصل تكليف الناس بالحجّ إنّما هو لملاقاة الإمام العالم بجميع الأحكام الحامل للعرش، كما يجيء في «كتاب الحجّة» في أحاديث الباب الخامس والتسعين وهو «باب أنّ الواجب على الناس بعدما يقضون مناسكهم أن يأتوا الإمام، فيسألونه عن معالم دينهم، ويعلّمونه ولايتهم ومودّتهم له». ۲(وَاللّهُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى كَمَا قَالَ. وَالْعَرْشُ وَمَنْ يَحْمِلُهُ وَمَنْ حَوْلَ الْعَرْشِ ) .
لمّا فرغ عليه السلام من بيان آية سورة الحاقّة وآية سورة المؤمن، بيّن آية سورة طه وأمثالها

1.الكافي ، ج ۴ ، ص ۲۷۱ .

2.الكافي ، ج ۱ ، ص ۳۹۲ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
326

الْعَرْشَ» 1 .
(لِأَنَّهُ اسْتَعْبَدَ خَلْقَهُ بِحَمْلِ عَرْشِهِ وَهُمْ حَمَلَةُ عِلْمِهِ) . «لأنّه» تعليل لقوله: «أضاف». والضمير للّه . و«استعبد» بالمهملة والموحّدة ومهملة بصيغة الماضي المعلوم، من باب الاستفعال؛ يُقال: استعبده: إذا كلّفه بعمل العبد.
و«خلقه» منصوب على المفعوليّة. و«بحمل» بحرف الجرّ وصيغة المصدر المضاف والباء للتعليل.
والمراد أنّه لولا حمل خلق من خلقه عرشَه لم يستعبد خلقه؛ بناء على قبح استعبادهم بكتاب فيه أحكام، وليس فيهم عالم بجميع ذلك الكتاب.
وهذا إشارة إلى برهان على إمامة أمير المؤمنين وأولاده الأحد عشر عليهم السلام بلا واسطة؛ لإجماع الاُمّة على أنّ غاية دعوى سائر من يدّعي الإمامة ليس إلّا دعوى الاجتهاد واتّباع الظنّ وتفسير القرآن بالظنّ. وضمير «هم» لخلق من خلقه. و«حملة» بفتح المهملة وفتح الميم جمع «حامل». وضمير «علمه» للّه ، والمراد بعلمه كتابه كما مرّ.
(وَخَلْقا يُسَبِّحُونَ حَوْلَ عَرْشِهِ وَهُمْ يَعْمَلُونَ بِعِلْمِهِ) . و«خلقا» عطف على «خلقه»؛ أي واستعبد خلقا.
وهذا إشارة إلى تفسير قوله تعالى في سورة المؤمن: «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ» 2 بأنّ «من حوله» عطف على «الذين». و«يسبّحون» بالموحّدة من باب التفعيل؛ أي ينزّهون اللّه عمّا لا يليق، كقوله في سورة النور: «يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْاصَالِ* رِجَالٌ» . 3 والتقدير: وخلقا يسبّحون حول عرشه بحمل عرشه، نظير آية سورة الطلاق: «وَاللاَّئِى يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَ الَّئى لَمْ يَحِضْنَ» 4 فإنّه بتقدير: واللائي لم يحضن إن ارتبتم فعدّتهنّ ثلاثة أشهر.

1.غافر (۴۰) : ۷ .

2.النور (۲۴) : ۳۶ ـ ۳۷ .

3.الطلاق (۶۵) : ۴ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 55558
صفحه از 584
پرینت  ارسال به