35
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

منه ؟ وإن كان مركز الأرض غير مركز العالم، فلِمَ لا تنحطّ الأرض بحيث ينطبق مركزها على مركز العالم ؟ أي يظهر بذلك أنّ إمساك الماء أو الأرض ليس بفاعل موجب كطبع الماء والأرض ، بل بتدبير مدبّر العالم لتعيش مخلوقاته من الإنسان وسائر الحيوانات ، وقد أجرى عادته فيما أجرى لمصلحة وخرقها في غيره لمصلحة اُخرى ، وليعلم أنّه ربّ كلّ شيءٍ وخالقه.
ولم يقدر الزنادقة الطبيعيّون على تمجمج في دفع هذه الشناعة عن أنفسهم والحمد للّه ، فإنّهم إن قالوا: بعض الأرض أثقل من بعض بكثير، فمركز ثقل الأرض ليس في وسط حجمها، فانكشف بعضها ليبسها كالجزائر في البحر .
قلنا : من خفّف بعضها وثقّل بعضها ؟
وإن قالوا : الأرض كرتان إحداهما مصمتة، والاُخرى على وجه الاُولى كالمتمّم الحاوي والعناصر خمس .
قلنا : من رقّق بعض المتمّم، وغلّظ الباقي ، مع أنّ الطبع واحد ؟
(فَلَا يَتَمَاسَكَانِ ، وَلَا يَتَمَاسَكُ مَنْ عَلَيْهَا ؟) . الفاء للبيان، ولذا كان مدخولها مرفوعا، مثل : ألم تسأل الربع القواء فينطق . ۱ والربع بالفتح: الدار، والقواء ـ بكسر القاف والمدّ ـ : الأرض الخالية عن أهلها .
والتماسك: التمالك . قال الجوهري : ما تماسك أن قال ذلك، أي ما تمالك. ۲ يعني يبيّن ما ذكر من الأدلّة أنّ السماء والأرض لا يحفظان نفسيهما عن الزوال عن مكانيهما، ويحتاجان إلى مُمسك ، وأهل الأرض لا يحفظون أنفسهم عن الزوال عن أمكنتهم، ولذا يسقطون عن السطح، ويتردّون في البئر ، فكيف يمكن أن يكون أحد منهم

1.حكاه الطوسي في التبيان ، ج ۷ ، ص ۳۳۶ عن الشاعر وتمامه : ألم تسأل الربع القواء فينطق وهل يخبرنك اليوم سملق وحكاه أيضا القرطبي في تفسيره ، ج ۱۲ ، ص ۹۱ ؛ والرضي في شرحه على الكافية ، ج ۴ ، ص ۶۶ / ۶۴۹ ، وفي لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۳۰۰ عن ثعلب .

2.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۶۰۸ (مسك) .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
34

الصفةِ كطبقة دون الاسم كرقبة الذي يجيء في «كتاب الزكاة» في رابع «باب منع الزكاة» ۱ وتاسع عشره وهو الباب الثاني، ۲ وفي «كتاب النكاح» في سادس «باب اللواط» وهو الباب المائة وستّة وثمانون ، ۳ وثاني «باب من أمكن من نفسه» وهو الباب المائة وسبعة وثمانون : أنّ ۴ للأرض التي نحن عليها سبعَ طبقات . ۵
والمشهور في كتب الفلاسفة ومَن تبعهم أنّ للأرض التي نحن عليها ثلاثَ طبقات متلاصقة بعضها فوق بعض : الاُولى: المخالطة بغيرها التي فيها الجبال والمعادن وكثير من الحيوانات والنباتات . الثانية: الطينيّة . الثالثة: المحيطة بالمركز . ۶
والمراد بقوله : «فوق طباقها» الاُولى، فإنّها الأنسب باستعمالات اللغة، وبمقام الاستدلال على الصانع .
وأمّا قوله تعالى في سورة الطلاق : «اللّهُ الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ»۷ فيمكن أن يكون المراد بالأرض فيه ما تحت أقدام من في مكّة ، ويشمل كلّ ما تحت اُفق مكّة إلى منتهى المكان، وهي مبنيّة على أنّ السماوات السبع لم يحطن بأرضنا، وإنّما هنّ فوق اُفق مكّة، ولا حركة لهنّ ، والكواكب يسبحون فيهنّ كالحوت في الماء، والطير في الهواء ، وهنّ نصف مدار الكواكب، والنصف الآخر من مدارها سبع أرضين، وهنّ بعض الأرض، ومساوية للسماوات السبع في المقدار، ولا حركة لهنّ أيضا .
وحاصل الدليل : أنّا نرى الأرض أثقل من الماء، والماء أثقل من الهواء ، فإن كان مركز الأرض مركز العالم، فلِمَ لا يحيط الماء بجميع وجه الأرض، ولا يخرج الهواء

1.الكافي، ج ۳، ص ۵۰۳، باب منع الزكاة، ح ۴.

2.الكافي ، ج ۳ ، ص ۵۰۵ ، باب منع الزكاة ، ح ۱۹ .

3.الكافي ، ج ۵ ، ص ۵۴۶ ، باب اللواط ، ح ۶ .

4.في «ج» : - «أنّ» .

5.الكافي ، ج ۵ ، ص ۵۴۹ ، باب من أمكن من نفسه ، ح ۲ .

6.حكاه العلّامة في كشف المراد ، ص ۱۲ عن المشهور عند الجمهور ؛ وحكاه العلّامة المجلسي عن الحكماء في بحار الأنوار ، ج ۵۶ ، ص ۳۸۹ ، و ج ۵۷ ، ص ۹۷ .

7.الطلاق (۶۵) : ۱۲ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 72123
صفحه از 584
پرینت  ارسال به