353
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

الثانية: أنّ الحادث قبل حدوثه إمّا غير ممكن، وإمّا ممكن. والأوّل باطل؛ لاستحالة الانقلاب في الموادّ الثلاث، والثاني يستلزم أن يتحقّق قبل حدوث الحادث مادّة يقوم بها إمكانه الاستعدادي، ويكون إحداث الحادث منها وهي شيء أو لا شيء.
الثالثة: أنّ الحادث مسبوق بعلم خالقه به، والعلم إمّا حضوري وإمّا حصولي. والأوّل محال؛ لأنّه لا حضور للمعدوم. والثاني إمّا بحصول الصور في ذات الخلق، وإمّا في غيره. والأوّل محال؛ لأنّه ليس محلّاً ولا حالّاً، وعلى الثاني كان إحداث الحادث من محلّ الصور، وهو شيء أو لا شيء. ۱(فَقَوْلُهُمْ) . هذا من تتمّة قول الثنويّة، والضمير للقائلين بحدوث العالم.
(«مِنْ شَيْءٍ» خَطَأٌ) أي اعتراف بالخطأ في دعوى حدوث العالم، وأنّه يتحقّق خلق وخالق.
(وَقَوْلُهُمْ: «مِنْ لَا شَيْءٍ» مُنَاقَضَةٌ وَإِحَالَةٌ) أي قول بالمحال.
(لِأَنَّ «مِنْ») أي لفظة «من» (تُوجِبُ شَيْئا، وَ«لَا شَيْءٍ») أي ولفظة «لا شيء» (تَنْفِيهِ) . والحاصل إبطال كلّ من شقّي ترديدهم بإبطال الحصر فيهما ومنعِه.
(فَأَخْرَجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام هذِهِ اللَّفْظَةَ) أي قوله: «لا من شيء خلق ما كان».
(عَلى) نهجيّة (أَبْلَغِ الْأَلْفَاظِ وَأَصَحِّهَا، فَقَالَ عليه السلام : «لا مِنْ شَيْءٍ خَلَقَ مَا كَانَ») أي كون الإحداث منحصرا في القسمين باطل.
ومرجعه إذا قوبل به الشبهة الاُولى، منع امتناع تخلّف المعلول عن العلّة التامّة في الفاعل المختار، وأمّا الفاعل الموجَب على القول بإمكان تحقّقه، فأثره يمتنع أن يكون متأخّرا عن حين حدوثه إلّا إذا توقّف على أثر مختار.
وسرّه أنّ المختار يميّز بعض الأوقات المتشابهة في تمام الماهيّة عن بعض بحسب علمه القديم بالمصلحة لخلق أمر فيه دون غيره، بخلاف الموجَب، فإنّه محال فيه بديهة. ۲

1.اُنظر معارج الفهم في شرح النظم للعلّامة الحلي ، ص ۱۳۳ .

2.في «ج» : «ضرورة» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
352

(الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُ لَا يُحْدِثُ شَيْئا إِلَا مِنْ أَصْلٍ) أي قالوا: كلّ حادث مسبوق بمادّة، وزعموا أنّ شخص المادّة قديم. ۱(وَلَا يُدَبِّرُ إِلَا بِاحْتِذَاءِ مِثَالٍ) أي وقالوا: إنّ كلّ حادث مسبوق بمدّة بالضمّ، اسم ما استمدّ به من العلل كالمعدّات؛ فلا يحدث شيئا إلّا على طبق اقتضاء المعدّ المتّصل به، ولا يتمكّن من خرق العادة؛ ۲ يُقال: احتذى مثاله: إذا اقتدى به. والمعدّات عندهم الصور والأعراض الغير المتناهية من جانب المبدأ.
(فَدَفَعَ عليه السلام بِقَوْلِهِ: «لَا مِنْ شَيْءٍ خَلَقَ مَا كَانَ» جَمِيعَ حُجَجِ الثَّنَوِيَّةِ وَشُبَهِهِمْ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا يَعْتَمِدُ الثَّنَوِيَّةُ) أي هذه مقدّمة مأخوذة في أكثر شبههم، أو أنّها أكثر دورانا على ألسنتهم؛ لأنّها أقوى عندهم.
ويحتمل أن يُراد أنّ هذا منتهى فكرهم وما يعتمدون عليه.
(فِي حُدُوثِ الْعَالَمِ) أي في الشبهة ۳ في حدوث العالم. والشبهة في الشيء إنّما يكون بقصد إبطاله ونفيه.
(أَنْ يَقُولُوا: لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ الْخَالِقُ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ مِنْ شَيْءٍ، أَوْ مِنْ لَا شَيْءٍ) ؛ يعنون أنّ الإحداث منحصر في القسمين، والأوّل يثبت المطلوب، والثاني باطل؛ للتناقض.
وهذه المقدّمة مأخوذة في ثلاث شبه للقائلين بقدم العالم، هي أقوى شبههم:
الاُولى: أنّ جميع ما لابدّ منه في وجود أوّل حادث إن كان أزليّا كان الحادث أزليّا؛ لامتناع تخلّف المعلول عن العلّة التامّة؛ وإن كان بعض ما لابدّ منه حادثا، كان إحداث الحادث منه، وهو شيء أو لا شيء.

1.حكاه التفتازاني في شرح المقاصد ، ج ۱ ، ص ۱۳۱ عن الفلاسفة ؛ والإيجي في المواقف ، ج ۲ ، ص ۶۲۶ .

2.حكاه العلّامة في كشف المراد ، ص ۱۲۳ (تحقيق الآملي) عن الفلاسفة ، وفي طبعة تحقيق الزنجاني ، ص ۷۸ ؛ وحكاه أيضا التفتازاني في شرح المقاصد ، ج ۱ ، ص ۱۳۱ .

3.في «أ» : + «أي» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 72189
صفحه از 584
پرینت  ارسال به