الثانية: أنّ الحادث قبل حدوثه إمّا غير ممكن، وإمّا ممكن. والأوّل باطل؛ لاستحالة الانقلاب في الموادّ الثلاث، والثاني يستلزم أن يتحقّق قبل حدوث الحادث مادّة يقوم بها إمكانه الاستعدادي، ويكون إحداث الحادث منها وهي شيء أو لا شيء.
الثالثة: أنّ الحادث مسبوق بعلم خالقه به، والعلم إمّا حضوري وإمّا حصولي. والأوّل محال؛ لأنّه لا حضور للمعدوم. والثاني إمّا بحصول الصور في ذات الخلق، وإمّا في غيره. والأوّل محال؛ لأنّه ليس محلّاً ولا حالّاً، وعلى الثاني كان إحداث الحادث من محلّ الصور، وهو شيء أو لا شيء. ۱(فَقَوْلُهُمْ) . هذا من تتمّة قول الثنويّة، والضمير للقائلين بحدوث العالم.
(«مِنْ شَيْءٍ» خَطَأٌ) أي اعتراف بالخطأ في دعوى حدوث العالم، وأنّه يتحقّق خلق وخالق.
(وَقَوْلُهُمْ: «مِنْ لَا شَيْءٍ» مُنَاقَضَةٌ وَإِحَالَةٌ) أي قول بالمحال.
(لِأَنَّ «مِنْ») أي لفظة «من» (تُوجِبُ شَيْئا، وَ«لَا شَيْءٍ») أي ولفظة «لا شيء» (تَنْفِيهِ) . والحاصل إبطال كلّ من شقّي ترديدهم بإبطال الحصر فيهما ومنعِه.
(فَأَخْرَجَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام هذِهِ اللَّفْظَةَ) أي قوله: «لا من شيء خلق ما كان».
(عَلى) نهجيّة (أَبْلَغِ الْأَلْفَاظِ وَأَصَحِّهَا، فَقَالَ عليه السلام : «لا مِنْ شَيْءٍ خَلَقَ مَا كَانَ») أي كون الإحداث منحصرا في القسمين باطل.
ومرجعه إذا قوبل به الشبهة الاُولى، منع امتناع تخلّف المعلول عن العلّة التامّة في الفاعل المختار، وأمّا الفاعل الموجَب على القول بإمكان تحقّقه، فأثره يمتنع أن يكون متأخّرا عن حين حدوثه إلّا إذا توقّف على أثر مختار.
وسرّه أنّ المختار يميّز بعض الأوقات المتشابهة في تمام الماهيّة عن بعض بحسب علمه القديم بالمصلحة لخلق أمر فيه دون غيره، بخلاف الموجَب، فإنّه محال فيه بديهة. ۲