361
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

الرؤية والعيون يطلق على العلم والقلوب، قيّد بقوله:
(بِمُشَاهَدَةِ الْأَبْصَارِ) ؛ بفتح الهمزة جمع بصر، والإضافة لاميّة؛ أو بكسر الهمزة مصدر، فالإضافة للبيان.
(وَلكِنْ رَأَتْهُ الْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ الْاءِيمَانِ) أي علمته القلوب وصدّقت به بالتصديقات التي هي حقائق الإيمان؛ أي لا يتحقّق الإيمان بدونها، والباء للملابسة، ويحتمل الاستعانة؛ فإنّه لولا حقائق الإيمان، لكان العلم به كعدمه.
(وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ، إِنَّ رَبِّي لَطِيفُ اللَّطَافَةِ لَا يُوصَّفُ۱بِاللُّطْفِ) . اللطافة بفتح اللام واللطف بالضمّ مصدرا بابِ حسن بمعنىً مضى في أوّل السابع عشر. ۲
وقوله: «لطيف اللطافة» ونظائره الآتية لبيان المبالغة مثل: جدّ جدّهُ.
وقوله: «لا يوصَّف» في المواضع بصيغة المضارع المجهول من باب التفعيل ۳ للمبالغة. والمقصود هنا أنّ العباد عاجزون عن بيان لطفه تعالى كما هو حقّه.
(عَظِيمُ الْعَظَمَةِ لَا يُوصَّفُ بِالْعِظَمِ) ؛ بكسر المهملة، وفتح المعجمة.
(كَبِيرُ الْكِبْرِيَاءِ لَا يُوصَّفُ بِالْكِبَرِ) . الكبرياء بكسر الكاف وسكون الموحّدة وكسر المهملة والخاتمة والمدّ، والكبر بالكسر: التكبّر. ۴(جَلِيلُ الْجَلَالَةِ لَا يُوصَّفُ بِالْغِلَظِ) . الجلالة بفتح الجيم مصدر باب ضرب: القهر والتعالي عمّا يقتضي ذلّة، وهو المداهنة في عقاب أعدائه الذين لا يستحقّون العفو أصلاً .
والغلظ ـ بكسر المعجمة وفتح اللام ومعجمة مصدر باب ضرب وحسن ـ : القهر . والمقصود أنّ قهره على أعدائه قاهر بحيث يعجز العباد عن بيانه كما هو حقّه، نظير قوله تعالى في سورة الزمر: «وَبَدَا لَهُمْ مِنْ اللّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ»۵ .

1.في الكافي المطبوع : «يُوصَفُ» في جميع المواضع .

2.أي في الحديث ۱ من باب آخر و هو من الباب الأوّل إلّا أنّ فيه زيادة وهو الفرق ما بين المعاني التي تحت أسماء اللّه وأسماء المخلوقين .

3.في «ج»: «في المواضع مضارع مجهول باب ضرب أو باب التفعيل».

4.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۸۰۱ (كبر) .

5.الزمر (۳۹) : ۴۷ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
360

(وَقَرُبَ فِي نَأْيِهِ، فَهُوَ فِي نَأْيِهِ قَرِيبٌ، وَفِي قُرْبِهِ بَعِيدٌ) . تكرار للمضمون للتأكيد. وأمّا قوله:
(كَيَّفَ الْكَيْفَ، فَلَا يُقَالُ: كَيْفَ؟) أي فلا يسأل عنه بكيف للاستفهام.
(وَأَيَّنَ الْأَيْنَ، فَلَا يُقَالُ: أَيْنَ؟) أي فلا يسأل عنه بأين للاستفهام.
(إِذْ هُوَ مُنْقَطِعُ) ؛ اسم مكان؛ أي لا يبلغه.
(الْكَيْفُوفِيَّةِ وَالْأَيْنُونِيَّةِ) . فمضى بيان مضمونه في ثالث الأوّل، ۱ ويجيء توضيحه أيضا في سادس الباب عند قوله: «فمن وصف اللّه فقد حدّه» إلى آخره.
الرابع: (مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللّهِ رَفَعَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ: بَيْنَا) . أصله «بين» اُشبعت الفتحة، فتولّدت ألف، ۲
وهو ظرف زمانٍ مضافٌ إلى الجملة الخالية عن العائد إليه نظير: «يَوْمَ يُنفَخُ فِى الصُّورِ»۳ ، وعاملةُ «قام».
(أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ) ؛ بالرفع على الابتداء.
(يَخْطُبُ عَلى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ إِذْ) ؛ للمفاجأة، وقد يحذف؛ لأنّ المفاجأة يفهم من «بينا».
(قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ ـ يُقَالُ لَهُ: ذِعْلِبٌ ـ) ؛ بكسر المعجمة وسكون المهملة وكسر اللام ـ وقد تفتح ـ والموحّدة؛ لُقّب به تشبيها بالناقة السريعة. ۴(ذُو لِسَانٍ بَلِيغٍ فِي الْخُطَبِ ، شُجَاعُ الْقَلْبِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ، مَا كُنْتُ أَعْبُدُ رَبّا لَمْ أَرَهُ) .
أخرج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر بحمل الرؤية في كلامه على العلم؛ إشعارا بأنّه لا ينبغي السؤال عن الرؤية بالبصر؛ لظهور استحالته. وهذا فنّ من البلاغة.
(فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَيْفَ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ، لَمْ تَرَهُ الْعُيُونُ) . لمّا كانت

1.أي في الحديث ۳ من باب حدوث العالم وإثبات المحدث .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۰۴ (بين) .

3.الأنعام (۶) : ۷۳ .

4.كتاب العين ، ج ۲ ، ص ۳۲۶ ؛ الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۲۷ (ذعلب) .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 72007
صفحه از 584
پرینت  ارسال به