369
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(أَنْ) أي بأن (لَا غَرِيزَةَ لِمُغْرِزِهَا) ؛ بالمعجمة وشدّ المهملة المكسورة ومعجمة، أي خالق غريزتها.
(مُخْبِرَةً) . حالٌ اُخرى.
(بِتَوْقِيتِهَا أَنْ) أي بأن (لَا وَقْتَ لِمُوَقِّتِهَا) ؛ بشدّ القاف المكسورة، أي جاعلها في وقت دون قبله وبعده.
(حَجَبَ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ) . الحجْب كالنصر: المنع؛ أي أظهر عجز بعض الأشياء عن بعض، إمّا مطلقا وإمّا قبل وقت فعله، كما يجيء بيانه في «باب الاستطاعة».
(لِيُعْلَمَ أَنْ لَا حِجَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ) أي ليتذكّر أنّه تعالى قادر على كلّ شيء قبل وقت فعله أيضا أزلاً، مستقلّ بالقدرة.
والحجاب بالكسر: المانع. والمراد هنا المانع العقلي، لا ما يشمل العلمي أيضا، بقرينة ما يجيء في خامس الباب. ۱(كَانَ رَبّا إِذْ لَا مَرْبُوبَ) . استئنافٌ لبيان عدم الحجاب.
والربّ يُطلق في اللغة على المالك والمدبّر والسيّد والمربّي والمتمّم والمُنعم، ۲
ولا يطلق غيرَ مضاف على غير اللّه تعالى؛ إذ المراد حينئذٍ ربّ كلّ شيء، وإذا اُطلق على غيره اُضيف إلى خاصّ، فيُقال: ربّ الدار مثلاً.
والمراد ۳ هنا الأوّل، أي لم يكن للّه تعالى في خلق مخلوقاته حالة منتظرة يتوقّف عليه الخلق، ولا يمكنه بدونه، بل كان مالكا للمملوكات أي المخلوقات قبل وجودها؛ إذ الملك إنّما يختصّ بالمملوك الموجود فيمن ليس وجود مملوكه بقدرته، بل يتوقّف على حالة منتظرة، وهو تعالى قادر على كلّ شيء أزلاً وأبدا؛ إنّما يتأخّر فعله ويتأجّل خلقه لشيء لعلمه بالمصالح.
ويمكن أن يكون المراد أنّه مالك قبل الخلق أزلاً للخلق في وقت خلقه فيه؛ لأنّ

1.في «ج» : «في الآتي» بدل «في خامس الباب» .

2.النهاية، ج ۲، ص ۱۷۹؛ لسان العرب، ج ۱، ص ۳۹۹ (ريب).

3.في «ج» : + «به» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
368

(قَوْلُهُ) في سورة الذاريات:
(«وَ مِن كُلِّ شَىْ ءٍ) . «من» للسببيّة، وهي هنا سببيّة الجزء للكلّ؛ أي ومن كلّ جسم من الأجسام، سواء كان سماويّة أو أرضيّة.
(خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ»۱) . الزوج المركّب من اثنين بينهما ربط في الجملة، سواء كان بالتماثل ككوكبين، أو باتّصال أحدهما بالآخر كاتّصال الكوكب بالجزء المظلم من السماء؛ أي جعلنا كلّ شيء جزءا لزوجين، أحدهما مركّب منه ومن مثله الغير المتّصل به، والآخر مركّب منه ومن ضدّه المتّصل به لتنظروا فيه، فيدلّكم على وجود مؤلّف للضدّين، مفرّق للمثلين، خارج عن المكان والمكانيّات، بريءٌ من كلّ نقصٍ، نافذ الإرادة، يقول «كُن» فيكون.
ومضى بيانه مفصّلاً في أوّل الأوّل ۲ عند قوله: «يا أخا أهل مصر، لِمَ السماء مرفوعة» إلى آخره.
(فَفَرَقَ) ؛ بصيغة الماضي المعلوم من باب نصر، أو باب التفعيل، تفريعٌ على مضمون الآية واستنباط منه.
(بَيْنَ قَبْلٍ وَبَعْدٍ) ؛ بالجرّ والتنوين؛ أي بين سابق زماني، ولاحق زماني.
(لِيُعْلَمَ) ؛ بصيغة المضارع المجهول المجرّد.
(أَنْ لَا قَبْلَ لَهُ وَلَا بَعْدَ) . والحاصل أنّ الأزمنة متشابهة الحقيقة كالأمكنة، فكما يدلّ اختصاص كلّ زوج من الزوجين بمكان على الصانع بعنوان كُن فيكون، يدلّ اختصاص كلّ زمان عليه من الزوجين. ۳(شَاهِدَةً۴) . حالٌ اُخرى عن الأشياء المذكورة الثمانية.
(بِغَرَائِزِهَا) الغريزة: الجوهر. ومضى بيانه آنفا.

1.أي في الحديث ۱ من باب حدوث العالم وإثبات المحدث .

2.الذاريات (۵۱) : ۴۹ .

3.في «ج» : «يدلّ اختصاص كلّ زوج من الزوجين بزمان عليه» .

4.في الكافي المطبوع : «له شاهدة» بدل «شاهدة» .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 71664
صفحه از 584
پرینت  ارسال به