377
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(وَلِافْتِرَاقِ الصَّانِعِ مِنَ الْمَصْنُوعِ، وَالْحَادِّ مِنَ الْمَحْدُودِ، وَالرَّبِّ مِنَ الْمَرْبُوبِ) . افتراقُ شيء من شيء وجود الشيء الأوّل في زمان بدون وجود الشيء الثاني فيه.
والمراد بالصانع هنا الفاعل بتدبير وإرادة. والمراد ب«الحادّ» بالحاء المهملة وشدّ الدال المهملة: ۱
من يجعل شيئا على مقدار خاصّ مع إمكان النقصان عنه والزيادة عليه.
والمراد بالربّ: السيّد المالك، ولا يستعمل غيرَ مقيّد في غير اللّه تعالى؛ لأنّ المراد حينئذٍ القادر بالاستقلال على كلّ ما عداه.
وهذا بيان لثلاثة لوازمَ لخلقه إيّاهم، بحيث يدلّ كلّ منها على كون خلقه إيّاهم حجابا بينه وبينهم:
الأوّل: أنّ المصنوع يستحيل أن يكون قديما بخلاف الصانع، وذلك لأنّ كلّ أحد إذا خلّي عن الأوهام الموسوسة علم أنّ المريد غير الإرادة، وأنّ المريد قبل الإرادة، وأنّ الفاعل قبل المفعول، كما مضى في شرح أوّل الثاني عشر ۲ في رواية ابن بابويه عن الرضا عليه السلام . ۳
الثاني: أنّ كلّ مخلوقٍ محدودٌ في مقدار مع إمكان الزيادة والنقصان عليه، بناءً على أنّه لا مجرّد سوى اللّه ، وإلّا لكان فاعلاً بنفوذ الإرادة وقول «كُن» في الجملة فكان كاملاً من جميع الوجوه، فلم يكن ممكنا؛ لأنّ الإمكان نقص، فيستحيل أن يكون المحدود قديما بخلاف الحادّ.
الثالث: أنّ كلّ مخلوق له تعالى مربوب له، فيستحيل أن يكون قديما معه، وإلّا لم يكن قادرا عليه بالاستقلال وقبل فعله.
إن قلت: استحالة قِدَم المخلوق ينافي ما مضى في تفصيل خلقه إيّاهم من كون امتناعه تعالى ممّا يمكن فيهم اختياريّا له تعالى.

1.في «ج» : «بالمهملة وشدّ الثانية» بدل «المهملة وشدّ الدال المهملة» .

2.أي في الحديث ۱ من باب صفات الذات .

3.في «ج» : + «موافقا لما مضى في ثاني السابع عشر من قوله عليه السلام : لو كان معه شيء في بقائه لم يجز أن يكون خالقا له لأنّه لم يزل معه ، فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
376

قلت: المراد به ما يشمل الترك لمصلحة التأخير، وكما أنّ الإيجاد من صفات الفعل كذلك الترك، أو المراد به العلم بالمصالح، وليس من صفات الفعل.
(لِامْتِنَاعِهِ مِمَّا يُمْكِنُ فِي ذَوَاتِهِمْ، وَلِاءِمْكَانٍ مِمَّا يَمْتَنِعُ مِنْهُ) . هذا تفصيل «لخلقه إيّاهم» بحيث يدلّ على كونه حجابا بينه وبينهم.
والامتناع: الإباء، وهو فعل اختياري. والضمير للّه . و«ممّا» متعلّق ب«امتناعه». و«يمكن» بصيغة المضارع الغائب المعلوم من باب الإفعال، ۱ والضمير المستتر لما. والمراد بالإمكان هنا الجواز، وما يمكن في ذواتهم عبارة عن وجودهم في الخارج. «ولإمكانٍ» بالتنوين. والمراد بالإمكان هنا ضدّ الإباء، والمراد ولإمكانٍ صادرٍ منه تعالى، والتنوين للتقليل بالنسبة إلى الامتناع، فإنّ امتناعه تعالى في المدّة الغير المتناهية، وإمكانه تعالى في المدّة المتناهية وهي قليلة بالنسبة إلى الاُولى وإن كانت آلاف آلاف سنة. و«ممّا» متعلّق ب«إمكان»، والضمير المستتر في «يمتنع» للّه تعالى، وضمير «منه» لما.
والمراد بما يمتنع منه وجودهم في الخارج؛ يعني أنّ خلقه وتدبيره تعالى إيّاهم منحلّ إلى جزءين:
الأوّل: امتناعه تعالى من وجودهم، الممكنُ فيهم في وقت اقتضت الحكمة الامتناع.
والثاني: إمكانه تعالى من وجودهم الذي كان يمتنع منه في وقت آخر اقتضت الحكمة وجودهم فيه، وليس الامتناع لانتفاء جزء من أجزاء العلّة التامّة، ولا الإمكانُ لحدوث العلّة التامّة.
وفي توحيد ابن بابويه في «باب التوحيد ونفي التشبيه» قريب من هذا الحديث وفيه: «ولإمكانِ ذواتهم ممّا يمتنع منه ذاته» ۲ . والذي في الكافي أصوب.

1.في «ج» : «ويمكن مضارع غائب معلوم باب الإفعال» .

2.التوحيد ، ص ۵۶ ، ح ۱۴ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 71499
صفحه از 584
پرینت  ارسال به