(وَلِافْتِرَاقِ الصَّانِعِ مِنَ الْمَصْنُوعِ، وَالْحَادِّ مِنَ الْمَحْدُودِ، وَالرَّبِّ مِنَ الْمَرْبُوبِ) . افتراقُ شيء من شيء وجود الشيء الأوّل في زمان بدون وجود الشيء الثاني فيه.
والمراد بالصانع هنا الفاعل بتدبير وإرادة. والمراد ب«الحادّ» بالحاء المهملة وشدّ الدال المهملة: ۱
من يجعل شيئا على مقدار خاصّ مع إمكان النقصان عنه والزيادة عليه.
والمراد بالربّ: السيّد المالك، ولا يستعمل غيرَ مقيّد في غير اللّه تعالى؛ لأنّ المراد حينئذٍ القادر بالاستقلال على كلّ ما عداه.
وهذا بيان لثلاثة لوازمَ لخلقه إيّاهم، بحيث يدلّ كلّ منها على كون خلقه إيّاهم حجابا بينه وبينهم:
الأوّل: أنّ المصنوع يستحيل أن يكون قديما بخلاف الصانع، وذلك لأنّ كلّ أحد إذا خلّي عن الأوهام الموسوسة علم أنّ المريد غير الإرادة، وأنّ المريد قبل الإرادة، وأنّ الفاعل قبل المفعول، كما مضى في شرح أوّل الثاني عشر ۲ في رواية ابن بابويه عن الرضا عليه السلام . ۳
الثاني: أنّ كلّ مخلوقٍ محدودٌ في مقدار مع إمكان الزيادة والنقصان عليه، بناءً على أنّه لا مجرّد سوى اللّه ، وإلّا لكان فاعلاً بنفوذ الإرادة وقول «كُن» في الجملة فكان كاملاً من جميع الوجوه، فلم يكن ممكنا؛ لأنّ الإمكان نقص، فيستحيل أن يكون المحدود قديما بخلاف الحادّ.
الثالث: أنّ كلّ مخلوق له تعالى مربوب له، فيستحيل أن يكون قديما معه، وإلّا لم يكن قادرا عليه بالاستقلال وقبل فعله.
إن قلت: استحالة قِدَم المخلوق ينافي ما مضى في تفصيل خلقه إيّاهم من كون امتناعه تعالى ممّا يمكن فيهم اختياريّا له تعالى.
1.في «ج» : «بالمهملة وشدّ الثانية» بدل «المهملة وشدّ الدال المهملة» .
2.أي في الحديث ۱ من باب صفات الذات .
3.في «ج» : + «موافقا لما مضى في ثاني السابع عشر من قوله عليه السلام : لو كان معه شيء في بقائه لم يجز أن يكون خالقا له لأنّه لم يزل معه ، فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه» .