379
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(أَزَلُهُ نَهْيٌ۱لِمَجَاوِلِ الْأَفْكَارِ) . الأزل بفتحتين: المدّة الغير المتناهية في جانب الماضي، كما أنّ الأبد المدّة الغير المتناهية في جانب المستقبل. وقيل: الأزل القدم. ۲ انتهى. «نهيٌ» بفتح النون وسكون الهاء، مصدر باب منع، استعمل في معنى اسم الفاعل للمبالغة، وهو تخييل أو ترشيح للاستعارة بالكناية، فإنّه شبّه الأزل بأمير، وأثبت له النهي، وهو من لوازم الأمير أو مناسباته.
ومجاول بفتح الميم والجيم، جمع «مجال» بفتح الميم بصيغة اسم المكان. والمراد بمجاول الأفكار الأذهان التي تجول فيها الأفكار القويّة. والمراد أنّ الأذهان التي هي ذوات الأفكار القويّة تتحيّر وتعجز عن إدراك أزله كما هو حقّه، ولذا توهّم كثير من العقلاء أنّ المدّة إنّما هي مقدار حركة الفلك، فلا مدّة قبل حدوث العالم، ۳ قالوا: واختصّ حدوث العالم بوقته إذ لا وقت قبله، ۴ ومرادهم أنّه لا مدّة قبله أصلاً.
وقس عليه قولَه:
(وَدَوَامُهُ رَدْعٌ لِطَامِحَاتِ الْعُقُولِ) ؛ فإنّ الدوام كون الشيء أزليّا وأبديّا. والردع بالفتح والمهملات من باب منع: الكفّ والردّ، ويُقال: طمح بصره إلى الشيء كمنع، أي ارتفع؛ وكلّ مرتفع طامح؛ أي لا يمكن للعقول الرفيعة إدراك دوامه كما هو حقّه.
(قَدْ حَسَرَ كُنْهُهُ نَوَافِذَ الْأَبْصَارِ) . استئنافٌ لبيان قوله: «أزله نهي» إلى آخره، يُقال: حسره بالمهملات كضربه: إذا أعجزه من طول الاستعمال قبل الوصول إلى المطلوب.
وكُنه الشيء بالضمّ: وقته. والضمير للّه . و«نوافذ» بالنون والفاء والمعجمة جمع «نافذة». و«أبصار» بفتح الهمزة جمع «بصر» بمعنى بصيرة.
(وَقَمَعَ وُجُودُهُ جَوَائِلَ الْأَوْهَامِ) . القمع بالفتح من ۵ باب منع: القهر والإذلال.

1.في الكافي المطبوع : «نُهُيَةٌ» .

2.مختار الصحاح، ص ۱۶ (أزل).

3.حكاه في المواقف ، ج ۱، ص ۵۴۲ عن أرسطو ، وحكاه المناوي في فيض القدير ، ج ۴ ، ص ۷۱۶ عن المشهور ، وحكاه الزركشي في البرهان ، ج ۴ ، ص ۱۲۲ بلفظ قيل . وفي تاج العروس ، ج ۱۸ ، ص ۲۶۳ عن الحكماء .

4.المواقف ، ج ۱ ، ص ۳۴۱ .

5.في «ج» : «مصدر» .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
378

قلت: توهّم المنافاة مبنيّ على توهّم أنّ الأزل الذي هو ظرف القديم امتداد محصور وهو باطل، فيجوز أن يكون قدم المخلوق محالاً، ويكون المخلوق في كلّ قطعة من الامتداد الغير المتناهي مقدورا له تعالى.
(الْوَاحِدُ لَا بِتَأوِيلِ۱عَدَدٍ) . التأويل: القصد. ومضى بيانه في شرح قوله: «كتاب التوحيد».
(وَالْخَالِقُ لَا بِمَعْنى حَرَكَةٍ) . الخلق: التقدير. و«المعنى» مصدر ميمي من المجرّد: القصد. والحركة: الانتقال الذهني كما في الفكر، أو العضوي كما في الأفعال العلاجيّة.
(وَالْبَصِيرُ لَا بِأَدَاةٍ، وَالسَّمِيعُ لَا بِتَفْرِيقِ آلَةٍ) . التفريق: التسديد. والآلة: الشدّة. والمراد بتفريق الآلة أن يكون شدّة القرع أو القلع المحصّلة للصوت سببا لتفرّق الصوت في النواحي؛ يعني لا يحتاج سماعه تعالى إلى شدّة قرع أو قلع، بل هو تعالى يسمع ما لا يمكن أن يسمعه أحد غيره، كما يجيء في «كتاب الحجّ» في حادي عشر «باب حجّ الأنبياء عليهم السلام »: «أنا أسمع صوت هذه في بطن هذه الصخرة في قعر هذا البحر». ۲
وفي توحيد ابن بابويه: «السميع لا بأداة، البصير لا بتفريق آلة». ۳ وما فى¨ الكافي أصوب.
(وَالشَّاهِدُ) . الشهادة: الحضور، والمراد هنا كونه تعالى أقرب إلينا من حبل الوريد. ولمّا كان هذا موهما للتداخل في المكان قال:
(لَا بِمُمَاسَّةٍ) أي لابأن يمسّ أجزاؤه أجزاءنا، وأجزاؤنا أجزاءه.
(وَالْبَاطِنُ لَا بِاجْتِنَانٍ) أي المخفيّ كالغائب لا باستتار بجسم يستره.
(وَالظَّاهِرُ) أي الخارج من الأشياء.
(الْبَائِنُ) أي البعيد.
(لَا بِتَرَاخِي مَسَافَةٍ) أي لا يتباعد بينه وبين الأشياء تباعدا بسبب مسافة بينهما كما يكون بين الجسمين المتباعدين.

1.التوحيد ، ص ۵۶ ، ح ۱۴ .

2.في الكافي المطبوع : «بلا تأويل» .

3.الكافي ، ج ۴ ، ص ۲۱۴ ، باب حجّ الأنبياء ، ح ۱۱ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 71458
صفحه از 584
پرینت  ارسال به