381
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

جَوَائِلَ الْأَوْهَامِ». ثُمَّ زَادَ فِيهِ) . إلى هنا كلام عليّ بن محمّد المذكور في صدر سند الحديث السابق.
(أَوَّلُ الدِّيَانَةِ بِهِ) أي أوّل الإيمان باللّه . والمراد بالأوّل هنا الجزء الذي يتوقّف عليه سائر الأجزاء.
(مَعْرِفَتُهُ) أي الاعتراف والتصديق بوجود اللّه . أي بأنّ في الوجود إلها يستحقّ عبادة كلّ من سواه، ولا يستحقّ غيره عبادته.
(وَكَمَالُ مَعْرِفَتِهِ تَوْحِيدُهُ) . كمال الشيء: القدر المشترك بين جزئه الأخير، ولازمه البيّن اللزوم وما لا ينتفع بالشيء إلّا به. والتوحيد: الاعتراف بأن لا إله إلّا اللّه .
(وَكَمَالُ تَوْحِيدِهِ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ) . اللام للعهد الخارجي، والمراد الصفات الموجودة في أنفسها في الخارج، وهي المعاني القديمة التي يثبتها الأشعريّة.
ولا ينافي ذلك صحّة وصفه بصفات هي في أذهاننا، كما مضى بيانه في أوّل الخامس، 1 وكما فيما يجيء من قوله: «وكذلك يوصف ربّنا». 2 (بِشَهَادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّهَا غَيْرُ الْمَوْصُوفِ) . المراد بالشهادة شهادة الحال، والمراد بالغير المستقلّ بوجود على حدة يحتاج بسببه إلى فاعل على حدة إن لم يكن واجب الوجود لذاته، ويقابله العين بالمعنى المشهور في نحو العلم والقدرة والحياة من صفات ذاته تعالى أنّها عين ذاته تعالى بمعنى أنّه لا يحتاج انتزاعها عنه تعالى وحملها عليه تعالى إلى مصداق ومصحّح للانتزاع، والحمل موجود في نفسه في الخارج إلّا ذاته تعالى.
(وَشَهَادَةِ الْمَوْصُوفِ أَنَّهُ غَيْرُ الصِّفَةِ) . في نهج البلاغة: «وشهادة كلّ موصوف» إلى آخره. 3
وذكر هذه الفقرة إمّا لأنّه ليس المراد بالغير هنا معناه اللغويَّ حتّى يكون صدق

1.أي في الحديث ۱ من باب المعبود .

2.ذيل هذا الحديث .

3.نهج البلاغة ، ص ۳۹ ، الخطبة ۱ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
380

والوجود: إدراك الأشياء علما وقدرةً. والضمير للّه ، والإضافة إلى الفاعل. و«جوائل» بالجيم والهمز جمع «جائلة» أي دوّارة في الاُمور لإدراك شيء فقدته بدون التمسّك بسؤال أهل الذكر عنه. والأوهام: خطرات القلوب وأفكارها؛ يعني أنّ الأوهام الكثيرة الطلب لإدراكه من عند أنفسها لا تدركه ولا تحيط به.
(فَمَنْ وَصَفَ اللّهَ، فَقَدْ حَدَّهُ؛ وَمَنْ حَدَّهُ، فَقَدْ عَدَّهُ؛ وَمَنْ عَدَّهُ، فَقَدْ أَبْطَلَ أَزَلَهُ) . الفاء الاُولى للتعقيب، أو للتفريع على مقدّمات لم ينقلها الراوي هنا. وتجيء مع شرحها في سادس الباب.
(وَمَنْ قَالَ: أَيْنَ؟ فَقَدْ عَنَّاهُ 1 ) ؛ بالمهملة وشدّ النون؛ أي عدّه ذا نصب في فعله كالأرواح المتعلّقة بالأبدان، أو بالمعجمة وشدّ الخاتمة؛ أي عدّه غير حاضر، مأخوذٌ من الغاية بمعنى المسافة وذو الغاية البعيد منّا؛ فإنّ بيننا وبينه مسافة.
(وَمَنْ قَالَ: عَلَامَ؟) ؛ حرف جرّ، و«ما» للاستفهام حذف عنها الألف. والمقصود قول من قال إنّه جالس على نحو العرش.
(فَقَدْ أَخْلى مِنْهُ) أي أخلى الأرضين ونحوها من حضوره فيها حيث لم يجعل نسبته إلى جميع الأمكنة سواء.
(وَمَنْ قَالَ: فِيمَ؟ فَقَدْ ضَمَّنَهُ) ؛ بالمعجمة وشدّ الميم والنون؛ أي جعله في ضمن وعاء يحفظه من التلف. وفي نهاية ابن الأثير في حديث عِكرمة: «لا تشتر لبن البقر والغنم مضمّنا، ولكن اشتره كيلاً مسمّى؛ أي لا تشتره وهو في الضرع؛ لأنّه في ضمنه» انتهى. 2
السادس: (وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ مَوْلى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلى أَبِي إِبْرَاهِيمَ عليه السلام أَسْأَلُهُ عَنْ شَيْءٍ مِنَ التَّوْحِيدِ، فَكَتَبَ إِلَيَّ بِخَطِّهِ: الْحَمْدُ لِلّهِ الْمُلْهِمِ عِبَادَهُ حَمْدَهُ. وَ ذَكَرَ مِثْلَ مَا رَوَاهُ سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ إِلى قَوْلِهِ: «وَقَمَعَ وُجُودُهُ

1.في الكافي المطبوع : «غيّاه» .

2.النهاية ، ج ۳ ، ص ۱۰۳ (ضمن) .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 71409
صفحه از 584
پرینت  ارسال به