لأنّ بيان امتناع الأزل من التثنية لا يكفي في بيان امتناع الأزل من الموصوف، وهو المقصود هنا.
(فَقَدْ حَدَّهُ) . الحدّ بالفتح من باب نصر: تمييز شيء عن شيء؛ أي جعل مدّة وجوده في جانب الماضي ذاتَ قطعاتٍ ممتاز بعضها عن بعض بحسب توارد أفراد صفته الحوادث عليه.
(وَمَنْ حَدَّهُ، فَقَدْ عَدَّهُ) . العدّ بالفتح من باب نصر: الإحصاء؛ والعدد بفتحتين: سِنُو عمر الرجل التي يعدّها؛ أي أحصى قطعات عمره بحسب إحصاء أفراد صفته الحوادث المتواردة.
(وَمَنْ عَدَّهُ، فَقَدْ أَبْطَلَ أَزَلَهُ) ؛ لامتناع خلوّه من صفات ذاته؛ لأنّها ليست إلّا كماليّة، بخلاف صفات فعله، وامتناع التسلسل في الموجودات في أنفسها في الخارج وإن لم تكن مجتمعة لأنّ لها على هذا التقدير مجموعا بديهة، ۱ وغير المتناهي لا مجموع له ببرهان التطبيق ونحوه، هنا مقدّمات يحتاج إليها في إثبات أنّ كمال توحيده نفي الصفات عنه، ثمّ إثبات أنّ كمال معرفته توحيده هي، ومن أبطل أزله فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثنّاه أي لم يوحّده، ومَن ثنّاه فقد جزّأه، ومن جزّأه فقد جهله أي لم يعرفه. وسنبيّنها بُعَيْدَ هذا.
اعلم أنّ بين ما في هذا الحديث وما في أوّل نهج البلاغة من قوله عليه السلام : «أوّل الدِّين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه؛ لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف، وشهادة كلّ موصوف أنّه غير الصفة، فمن وصف اللّه سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثنّاه، ومن ثنّاه فقد جزّأه، ومَن جزّأه فقد جهله» ۲ فرقا من أربعة وجوه:
الأوّل: أنّ المراد بالمعرفة في نهج البلاغة العلم لا التصديق، بقرينة ذكر التصديق