383
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

لأنّ بيان امتناع الأزل من التثنية لا يكفي في بيان امتناع الأزل من الموصوف، وهو المقصود هنا.
(فَقَدْ حَدَّهُ) . الحدّ بالفتح من باب نصر: تمييز شيء عن شيء؛ أي جعل مدّة وجوده في جانب الماضي ذاتَ قطعاتٍ ممتاز بعضها عن بعض بحسب توارد أفراد صفته الحوادث عليه.
(وَمَنْ حَدَّهُ، فَقَدْ عَدَّهُ) . العدّ بالفتح من باب نصر: الإحصاء؛ والعدد بفتحتين: سِنُو عمر الرجل التي يعدّها؛ أي أحصى قطعات عمره بحسب إحصاء أفراد صفته الحوادث المتواردة.
(وَمَنْ عَدَّهُ، فَقَدْ أَبْطَلَ أَزَلَهُ) ؛ لامتناع خلوّه من صفات ذاته؛ لأنّها ليست إلّا كماليّة، بخلاف صفات فعله، وامتناع التسلسل في الموجودات في أنفسها في الخارج وإن لم تكن مجتمعة لأنّ لها على هذا التقدير مجموعا بديهة، ۱ وغير المتناهي لا مجموع له ببرهان التطبيق ونحوه، هنا مقدّمات يحتاج إليها في إثبات أنّ كمال توحيده نفي الصفات عنه، ثمّ إثبات أنّ كمال معرفته توحيده هي، ومن أبطل أزله فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثنّاه أي لم يوحّده، ومَن ثنّاه فقد جزّأه، ومن جزّأه فقد جهله أي لم يعرفه. وسنبيّنها بُعَيْدَ هذا.
اعلم أنّ بين ما في هذا الحديث وما في أوّل نهج البلاغة من قوله عليه السلام : «أوّل الدِّين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه؛ لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف، وشهادة كلّ موصوف أنّه غير الصفة، فمن وصف اللّه سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثنّاه، ومن ثنّاه فقد جزّأه، ومَن جزّأه فقد جهله» ۲ فرقا من أربعة وجوه:
الأوّل: أنّ المراد بالمعرفة في نهج البلاغة العلم لا التصديق، بقرينة ذكر التصديق

1.في «ج» : «ضرورة» .

2.نهج البلاغة ، ص ۳۹ ، الخطبة ۱ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
382

العكس لازما بيّنا، بل المراد ما مرّ آنفا. وكون الصفة غير الموصوف بهذا المعنى لا يستلزم استلزاما بيّنا العكسَ؛ ۱ لجواز أن يتوهّم أحد قياس الغير على العين بهذا المعنى، فإنّ أبا الهذيل ۲ من المعتزلة القائلين بنفي الصفات عنه تعالى؛ يقول: إنّه تعالى عالم بعلم هو ذاته، وذاته ليس بعلم. انتهى. ۳ ونسبه الفخر الرازي إلى التناقض وليس متناقضا.
وإمّا للتصريح والتوضيح.
(وَشَهَادَتِهِمَا جَمِيعا) . نصب على الحاليّة، أي مجموعا مؤلّفا كلّ واحد منهما مع الآخر بدون لزوم عقلي.
(بِالتَّثْنِيَةِ) ؛ بفتح المثنّاة فوق وسكون المثلّثة وكسر النون والخاتمة: التأليف؛ أي بأنّ فاعلاً جمعهما وقرنهما بأن جعل أحدهما موصوفا بالآخر، والآخر صفة للأوّل، وذلك لأنّه يستحيل أن يكون صفة واجب الوجود لذاته، ويستحيل أن يتحقّق الممكن الموجود في نفسه بدون فاعل، فليس بينهما لزوم عقلي.
(الْمُمْتَنِعِ مِنْهُ) أي من التثنية والتذكير؛ لأنّه مصدر.
(الْأَزَلُ) ؛ بالرفع فاعل «الممتنع» ودليله أنّ الفعل كلّه حادث، كما مضى توضيحه في شرح عنوان الباب الأوّل. ۴(فَمَنْ وَصَّفَ۵اللّهَ) ؛ بشدّ المهملة للمبالغة؛ أي زعم أنّه له صفات موجودة في أنفسها في الخارج. وهذا تفريع على قوله: «الممتنع منه الأزل». وإنّما احتيج إلى هذا إلى آخره؛

1.في «ج» : «لا يستلزم العكس استلزاما بيّنا» بدل «لا يستلزم استلزاما بيّنا العكس» .

2.هو محمّد بن محمّد بن الهذيل العبدي مولى عبد القيس من أئمّة المعتزلة ، ولد في البصرة سنة ۱۳۵ هجريّة ، واشتهر بعلم الكلام ، له مقالات في الاعتزال ومجالس ومناظرات ، له كتب كثيرة منها كتاب ميلاس على اسم مجوسي أسلم على يده . توفّي سنة ۲۳۵ هجرية . الأعلام ، ج ۷ ، ص ۱۳۱ .

3.حكاه عنه الإيجي في المواقف ، ج ۳ ، ص ۶۵۳ و ۶۶۰ ؛ شرح المواقف ، ج ۸ ، ص ۳۷۹ ؛ الملل والنحل للشهرستاني ، ج ۱ ، ص ۴۹ .

4.أي باب حدوث العالم وإثبات المحدث .

5.في الكافي المطبوع : «وصف» بفتح الثلاث .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 71376
صفحه از 584
پرینت  ارسال به