والقضيّة الثانية مضمون قوله في هذا الحديث: «ومن حدّه فقد عدّه، ومن عدّه فقد أبطل أزله». وكرّر مضمون القضيّتين بقوله: «ولا وقت معدود، ولا أجل ممدود»؛ فهذه الفقرات الثلاث إشارة إلى ردّ مذهب الأشاعرة. ۱
وأمّا قوله: «ولا نعتٌ موجود» فإشارة إلى ردّ مذهب بعض المعتزلة بأنّه لو كان صفته نفس ذاته بهذا المعنى، لكان لصفته كلّ نعوته تعالى، ۲ أي المحمولات المختصّة باللّه تعالى، فإنّ ذاته حينئذٍ علمه مثلاً، فعلمه عالم بكلّ شيء، وقادر على كلّ شيء، وواجب الوجود بالذات، وقيّوم ومعبود للعباد، وخالق كلّ شيء وهكذا. هذا خلف؛ لأنّا نعلم أنّه ليس لعلمه نعت فضلاً عن كلّ نعت.
وقوله: «موجود» أي معلوم لنا، أو إشارة إلى خلف آخر، أي لو ۳ كان لصفته نعت، لكان كلّ من الصفة والنعت موجودا في نفسه في الخارج؛ لأنّ الصفة موجودة حينئذٍ، فإنّه لا معنى لوجود شيء بدون وجود ما يتّحد معه حقيقةً، فكذا النعت؛ لأنّه لا معنى لاتّحاد الصفة معه بدون اتّحاد النعت معه تعالى.
الرابع: أنّ قوله في نهج البلاغة: «فمن وصف اللّه فقد قرنه» إلى قوله: «فقد جهله»، غير مذكور في هذا الحديث. ومعنى قوله: «فقد ثنّاه» أنّه جعله ثاني اثنين إلهين، أي تابعا لآخَرَ في الاُلوهيّة؛ لأنّه يستحيل أن يكون المفعول إلها ولا يكون فاعله إلها أوّلاً.
ومعنى قوله: «فقد جزّأه» أنّه أعطاه شيئا قليلاً من العبادة؛ يُقال: جزّأه تجزئة: إذا أقنعه بالقليل؛ وذلك لأنّ الفاعل كما أنّه أولى بالاُلوهيّة من المفعول أكثرُ استحقاقا للعبادة من المفعول.
ومعنى قوله: «فقد جهله» أنّه لم يعرف ولم يعلم وجود اللّه ؛ لأنّ معنى اللّه من