391
الشّافي في شرح أصول الكافي ج2

(وَأَقْدَرَهُمْ عَلى طَاعَتِهِ بِمَا جَعَلَ فِيهِمْ) ، من الآلات وجميع ما يتوقّف عليه فعل الطاعة.
(وَقَطَعَ عُذْرَهُمْ بِالْحُجَجِ) أي الأنبياء والأئمّة، أو البراهين الهادية إلى النجدين.
(فَعَنْ بَيِّنَةٍ هَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَبِمَنِّهِ) ؛ بحرف الجرّ وفتح الميم وشدّ النون والضمير؛ أي بكرمه وإحسانه وتوفيقه.
وفي بعض النسخ «وعنه» أي وعن بيّنة، والتذكير باعتبار الدليل، أو لأنّ ما لا يكون تأنيثه حقيقيّا جاز تذكيره، كما قيل في قوله تعالى: «إِنَّ رَحْمَةَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ»۱ . ۲
وفي بعض النسخ: «وعن بيّنة» كما في توحيد ابن بابويه. ۳(نَجَا مَنْ نَجَا) . وهذا ردّ على المجبّرة الذين لم يعقلوا معنى قوله تعالى: «لَا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ»۴ وتوهّموا أنّه لا لوم ولا محمدة عقلاً على فعل أصلاً.
(وَلِلّهِ الْفَضْلُ مُبْدِئا وَمُعِيدا) أي ليس منّه علينا باستحقاق، أو على قدر استحقاق، بل بفضله في الدنيا بالتوفيق، وفي الآخرة بالجنّة.
ولا يتوهّمن من ذلك إبطال قاعدة التحسين والتقبيح العقليّين، فإنّ الفضل لا يمكن أن يتحقّق إلّا مع حسن ذلك الفضل، وذلك في المؤمنين. وسرّ تخصيص المؤمنين بالفضل في الدنيا ممّا استأثر اللّه تعالى بعلمه.
(ثُمَّ إِنَّ اللّهَ) وقوله:
(ـ وَلَهُ الْحَمْدُ ـ) جملة معترضة.
(افْتَتَحَ الْحَمْدَ لِنَفْسِهِ ) . يحتمل أن يكون المراد حين ابتدأ خلق روح الإنسان حيث قال: «ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ»۵ ؛ وذلك لأنّ الحمد هو الوصف

1.الأعراف (۷) : ۵۶ .

2.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۹۸ ؛ لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۶۶۳ (قرب) ؛ تفسير القرطبي ، ج ۷ ، ص ۲۲۷ ؛ تفسير غريب القرآن للطريحي ، ص ۱۱۹ .

3.التوحيد ، ص ۳۲ ، باب التوحيد ونفي التشبيه ، ح ۱ .

4.الأنبياء (۲۱) : ۲۳ .

5.المؤمنون (۲۳) : ۱۴ .


الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
390

(وَلَا بِبَعْضٍ ) أي ببعض مائيّته.
(بَلْ وَصَفَتْهُ بِفِعَالِهِ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ بِآيَاتِهِ) ، كما سأل فرعون موسى عليه السلام قال: «وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ»۱ .
(لَا يَسْتَطِيعُ۲عُقُولُ الْمُتَفَكِّرِينَ جَحْدَهُ) ؛ بل جحدهم في لسانهم ولهواهم ۳ مع إقرار قلبهم به، وذلك لظهور الأدلّة، لا للضروريّة، كما ترشد إليه لفظة «المتفكّرين».
(لِأَنَّ مَنْ كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ فِطْرَتَهُ) . الفطرة بالكسر: الخلقة، وهذا وصف بالمصدر؛ أي مفطورات له.
(وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ وَهُوَ الصَّانِعُ لَهُنَّ) أي بلا شريك.
(فَلَا مَدْفَعَ) ؛ مصدر ميمي.
(لِقُدْرَتِهِ) . فيه دلالة على أنّ معنى إثبات ذات الصانع إثباتُ أنّ للعالم صانعا قادرا، لا إثباتُ واجب الوجود ۴ ونحو ذلك.
(الَّذِي نَأى) . بالنون والهمز والألف، أي بعُد.
(مِنَ الْخَلْقِ، فَلَا شَيْءَ كَمِثْلِهِ) أي ليس شيء من خلقه خاليا عن الصفات الموجودة في الخارج في أنفسها، كما أنّه خال، وليس هو متّصفا بصفات موجودة في الخارج في أنفسها، كما أنّ خلقه متّصفٌ بها.
(الَّذِي خَلَقَ خَلْقَهُ لِعِبَادَتِهِ) ؛ لقوله في سورة الذاريات: «وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ * وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْاءِنسَ إِلَا لِيَعْبُدُونِ»۵ . ولم يقل: «لعبادتهم» إيماءً إلى أنّ ضمير «يعبدون» للمؤمنين، والمشهور أنّه للجنّ والإنس. ۶

1.الشعراء (۲۶) : ۲۳ ـ ۲۴ .

2.في الكافي المطبوع : «لا تستطيع» .

3.في «ج» : «وهواهم» .

4.في «ج» : + «بذاته» .

5.الذاريات (۵۱) : ۵۵ ـ ۵۶ .

6.تفسير السمرقندي ، ج ۱ ، ص ۵۸۰ .

  • نام منبع :
    الشّافي في شرح أصول الكافي ج2
    تعداد جلد :
    5
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 55524
صفحه از 584
پرینت  ارسال به